سبيله " لن يضروا الله " بذلك " شيئا " وإنما ضروا نفوسهم " وسيحبط اعمالهم " ويستحقون عليها العقاب. والهدى الدلالة المؤدية إلى الحق. والهادي الدال على الحق وفي الآية دلالة على أن هؤلاء الكفار كان قد تبين لهم الهدى فارتدوا عنه أو يكون ظهر لهم أمر النبي، فلم يقبلوه. وقيل: تبين لهم الهدى، لأنهم كانوا قد عرفوا الايمان ورجعوا عنه.
ثم خاطب المؤمنين فقال " يا أيها الذين آمنوا " بالله وصدقوا رسوله " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول " أي افعلوا الطاعات التي أمركم الله بها وأمركم بها رسوله " ولا تبطلوا اعمالكم " بأن توقعوها على خلاف الوجه المأمور به فيبطل ثوابكم عليها وتستحقون العقاب.
ثم اخبر تعالى فقال " إن الذين كفروا " أي جحدوا وحدانية الله وكذبوا رسوله " وصدوا عن سبيل الله " بالمنع والاغراء والدعاء إلى غيره " ثم ماتوا وهم كفار " أي في حال كفرهم " فلن يغفر الله لهم " معاصيهم بل يعاقبهم عليها. ثم قال " فلا تهنوا " أي لا تتوانوا. وقال مجاهد وابن زيد: لا تضعفوا " وتدعوا إلى السلم " يعني المصالحة " وأنتم الأعلون " أي وأنتم القاهرون الغالبون - في قول مجاهد - " والله معكم " اي ناصركم والدافع عنكم فلا تميلوا مع ذلك إلى الصلح والمسالمة بل جاهدوا واصبروا عليه. وقوله " ولن يتركم اعمالكم " أي لن ينقصكم أجور اعمالكم يقال: وتره يتره وترا إذا أنقصه. وهو قول مجاهد. وقال ابن عباس وقتادة وابن زيد والضحاك: لن يظلمكم واصله القطع، فمنه البتر القطع بالقتل. ومنه الوتر المنقطع بانفراده عن غيره. وقوله " وتدعوا " يجوز أن يكون جرا عطفا على " تهنوا " أي لا تهنوا ولا تدعوا إلى السلم، ويجوز أن يكون في موضع نصب على الظرف (1)