به من طاعة الله واجتناب معاصيه.
والثاني - عرفها لهم بمعنى طيبها بضروب الملاذ، مشتقا من العرف، وهي الرائحة الطيبة التي تتقبلها النفس تقبل ما تعرفه ولا تنكره. وقال أبو سعيد الخدري وقتادة ومجاهد وابن زيد: معناه انهم يعرفون منازلهم فيها كما كانوا يعرفون منازلهم في الدنيا. وقال الحسن: وصف الجنة في الدنيا لهم، فلما دخلوها عرفوها بصفتها.
ثم خاطب المؤمنين فقال (يا أيها الذين آمنوا) بتوحيد الله وصدقوا رسوله (إن تنصروا الله ينصركم) ومعناه إن تنصروا دينه بالدعاء إليه، واضافه إلى نفسه تعظيما كما قال (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) (1) وقيل معناه (تنصروا الله) تدفعوا عن نبيه (ينصركم) الله، أي يدفع عنكم أعداءكم في الدنيا عاجلا، وعذاب النار آجلا (ويثبت أقدامكم) في حال الحرب. قيل: ويثبت أقدامكم يوم الحساب.
ثم قال (والذين كفروا) بنعم الله وجحدوا نبوة نبيه (فتعسا لهم) أي خزيا لهم وويلا لهم، فالتعس الانحطاط والعثار عن منازل المؤمنين (وأضل اعمالهم) أي أهلكها وحكم عليها بالضلال. وإنما كرر قوله (وأضل أعمالهم) و (احبط أعمالهم) تأكيدا، ومبالغة في الزجر عن الكفر والمعاصي وكرر ذكر النعيم إذا ذكر المؤمنين مبالغة في الترغيب في الطاعات. وإنما عطف قوله (وأضل) وهو (فعل) على قوله (فتعسا) وهو اسم، لان المعنى أتعسهم الله وأضل اعمالهم فلذلك حسن العطف.
ثم بين تعالى لم فعل ذلك، فقال فعلنا (ذلك) جزاء لهم على معاصيهم (بأنهم كرهوا ما انزل الله) من القرآن والاحكام وأمرهم بالانقياد لها، فخالفوا