التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٢٩
أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين (18) وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين (19) وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون (20) وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون) (21) خمس آيات بلا خلاف.
أقسم تعالى انه فتن قبلهم يعني قبل كفار قوم النبي صلى الله عليه وآله (قوم فرعون) أي اختبرناهم، وشددنا عليهم بأن كلفناهم، لان الفتنة شدة التعبد في الاخذ بالسراء والضراء، وأصلها الاحراق بالنار لخلاص الذهب من الغش، فهذه الشدة كشدة الاحراق للخلاص. وقيل: الفتنة معاملة المختبر ليجازى بما يظهر دون ما يعلم مما لم يعلم (وجاءهم رسول كريم) أي حقيق بالتكرم في الدعاء إلى الله والبرهان الواضح والدليل القاهر حتى يسلكوا طريق الهدى المؤدي إلى ثواب الجنة ويعدلوا عن طريق الردى المؤدي إلى العقاب. وقيل: معناه كريم عند الله بما استحق بطاعته من الاكرام والاجلال.
وقوله (أن أدوا إلي عباد الله) قال الحسن: هو مثل قوله (إن ارسل معنا بني إسرائيل) (1) ف‍ (عباد الله) منصوب ب‍ (أدوا) وقيل: هو منصوب على النداء. أي يا عباد الله أدوا ما أمركم به، في قول الفراء (إني لكم رسول أمين) على ما اؤديه إليكم وادعوكم إليه، (وأن لا تعلوا على الله) قال ابن عباس: معناه أن لا تطغوا عليه بافتراء الكذب عليه. وقال قتادة: معناه ان لا تبغوا عليه بكفر نعمه، وقيل معناه أن لا تتكبروا على الله بترك طاعته

(1) سورة 26 الشعراء آية 17
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست