التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٧
الوجه بما يسوء صاحبه.
ثم امر نبيه صلى الله عليه وآله فقال " فبشر عبادي " فمن أثبت الياء وفتحها، فلانه الأصل ومن حذف الياء اجتزأ بالكسرة الدالة عليها، ثم وصف عباده الذين أضافهم إلى نفسه على وجه الاختصاص فقال " الذين يستمعون القول " يعني يصغون إلى تلاوة القرآن والأقوال الدالة على توحيده " فيتبعون أحسنه " إنما قال " أحسنه " ولم يقل حسنه لأنه أراد ما يستحق به المدح والثواب، وليس كل حسن يستحق به ذلك، لان المباح حسن ولا يستحق به مدح ولا ثواب. والأحسن الأولى بالفعل في العقل والشرع.
ثم اخبر تعالى فقال " أولئك " يعني هؤلاء الذين وصفهم من المؤمنين هم " الذين هداهم الله " يعني إلى الجنة وثوابها، وحكم بأنهم مهتدون إلى الحق " وأولئك هم أولوا الألباب " يعني أولوا العقول على الحقيقة، لأنهم الذين انتفعوا بعقولهم من حيث اتبعوا ما يجب اتباعه، والكفار وإن كان لهم عقول فكأنهم لا عقول لهم من حيث أنهم لم ينتفعوا بما دعوا إليه.
ثم قال تعالى على وجه التنبيه " أفمن حق عليه كلمة العذاب " أي وجب عليه الوعيد بالعقاب جزاء على كفره كمن وجب له الوعد بالثواب جزاء على ايمانه وحذف لدلالة الكلام عليه تنبيها على أنهما لا يستويان.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله " أفأنت تنقذ من في النار " وتقديره أفأنت تنقذه، لا يمكنك ذلك، لان العقاب وجب له بكفره، وأخبر تعالى انه لا يغفر له وإنما اتى بالاستفهام مرتين تأكيدا، للتنبيه على المعنى، قال الزجاج: معناه معنى الشرط والجزاء، والف الاستفهام - ههنا - معناها التوقيف، والثانية في قوله " أفأنت
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست