انه تعالى مختص بصفات لا يشركه فيها أحد، السفن الجارية في البحر مثل الجبال، لأنه تعالى يسيرها بالريح لا يقدر على تسييرها غيره، ووجه الدلالة في السفن الجارية هو ان الله خلق الماء العظيم وعدل الريح بما يمكن أن يجري فيه على حسب المراد لأنه إذا هبت الريح في جهة وسارت بها السفينة فيها، فلو اجتمعت الخلائق على صرفها إلى جهة أخرى لما قدروا، وكذلك لو سكنت الريح لوقفت. وما قدر أحد على تحريكها، ولا إجرائها غيره تعالى.
ثم بين ذلك بأن قال (إن يشأ يسكن الريح) وتقديره إن يشأ يسكن الريح أسكنها أو إن يشأ ان يسكنها سكنت، وليس المعنى إن وقعت منه مشيئة أسكن لا محالة، لأنه قد وقعت منه مشيئة لأشياء كثيرة ولم تسكن الريح. والجواري السفن - في قول مجاهد والسدي - والاعلام الجبال - في قولهما - وقوله (فيظللن رواكد على ظهره) قال ابن عباس: معناه تظل السفن واقفة على ظهر الماء، قال الشاعر:
وإن صخرا لتأتم الهداة به * كأنه علم في رأسه نار وقوله (إن في ذلك) يعني في تسخير البحر وجريان السفن فيها لآيات أي حججا واضحات (لكل صبار) على أمر الله (شكور) على نعمه، وإنما أضاف الآيات إلى كل صبار وإن كانت دلالات لغيرهم أيضا من حيث هم الذين انتفعوا بها دون غيرهم، ممن لم ينظر فيها.
وقوله (أو يوبقهن بها كسبوا) معناه يهلكهن بالغرق - في قول ابن عباس والسدي ومجاهد - (بما كسبوا) أي جزاء على ما فعلوا من المعاصي (ويعفو عن كثير) اخبار منه تعالى انه يعفو عن معاصيهم لا يعاجلهم الله بعقوبتها.
وقوله (ويعلم الذين يجادلون في آياتنا مالهم من محيص) اخبار منه تعالى أن