التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٦١
جهة السفل، يقال: حمله حملا، فهو حامل والشئ محمول. و (الذرية) فعلية من الذر. وقيل: هو مشتق من (الذرء) الذي هو الخلق. وقد بيناه في ما مضى (1) والفلك السفن، لأنها تدور في الماء، ومنه الفلكة لأنها تدور بالمغزل والفلك لأنه يدور بالنجوم، وفلك ثدي المرأة إذا استدار و (المشحون) المملوء يقال: شحنت الثغر بالرجال أشحنه شحنا إذا ملأته، ومنه الشحنة، لأنه يملا بهم البلد، وإنما خص الذرية - وهم الصبيان والنساء - باللفظ، لأنهم لا قوة لهم على السفر كما يقوى الرجال، فسخر الله لهم السفن بما جعلها على الماء وعدل الريح ليمكن الحمل في البحر، وجعل الإبل في البر. وقال قتادة والضحاك: المعني بقوله " حملنا ذريتهم في الفلك المشحون " سفينة نوح.
و " خلقنا لهم من مثله ما يركبون " قال ابن عباس، وهو قول مجاهد: ان المراد به الإبل وهي سفن البر.
وقوله " وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم " معناه إنا لو شئنا إذا حملناهم في السفن أن نغرقهم فعلنا " فلا صريخ لهم " أي لا مغيث لهم ولا صارخ بالاستغاثة قال الشاعر:
كنا إذا ما اتانا صارخ فزع * كان الصراخ له قرع الطنابيب أي لا شئ اعانته إلا الجد في نصرته، والطنبوب عظم الساق. وقيل:
معنى الصريخ المعين عند الصراخ بالاستغاثة، وكأنه قال: لا معين لهم يعينهم عند ذلك " ولا هم ينقذون " أي ولا يخلصون أيضا من الغرق إذا أردناه.
وقوله " إلا رحمة منا " معناه إلا أن نرحمهم رحمة منا ونمتعهم " متاعا " ويحتمل إلا لرحمة منا، فيكون مفعولا له، و " إلى حين " أي إلى وقت ما قدرناه

(1) انظر 2 / 441 و 3 / 124 و 4 / 303 و 5 / 32، 48
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»
الفهرست