التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٦٤
لا يكون لاحد منعه منه فعلى هذا الوجه لا يكون الحرام رزقا، فان الله تعالى قد منع منه بالنهي وقد سمي رزقا ما يصلح للانتفاع به مجازا، فعلى هذا ليس كل ما رزقه الله العبد جعل له الانفاق منه والتصرف فيه، وعلى الأول - وهو الأصح - جعل له ذلك. ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله قل لهم يا محمد * (إن أنتم إلا في ضلال مبين) * أي ليس لكم هداية وما أنتم إلا في ذهاب عن الحق وعدول عنه بين، فعلى هذا قول من قال: هو من قول الله تعالى صحيح. وقال قوم:
هو من قول المشركين كأنهم لما قالوا: أنطعم من لو يشاء الله أطعمه؟ قالوا لرسله ليس أنتم إلا في ضلال مبين في ما تدعونا إليه.
ثم اخبر تعالى عن الكفار انهم * (يقولون متى هذا الوعد) * الذي تعدنا به من نزول العذاب بنا استهزاء بخبره صلى الله عليه وآله وخبر المؤمنين وتجريا على الله * (إن كنتم صادقين) * في ما تدعونا إليه وتخوفونا منه. فقال الله تعالى في جوابهم * (ما ينظرون) * أي لا ينتظرون * (إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون) * في هل ينزل العذاب بهم أم لا؟ وإنما جعلهم منتظرين لما قالوا: متى هذا الوعد، لان من يلتمس الوعد يكون متنظرا لما وعد به * (تأخذهم) * في حال خصامهم * (فلا يستطيعون توصية) * أي لا يقدر بعضهم على أن يوصي إلى بعض * (ولا إلى أهلهم يرجعون) * أي لا يردون إلى أهلهم فيوصون إليهم.
والصيحة التي تأخذهم هي الصيحة الأولى في الدنيا عند قيام الساعة * (تأتيهم بغتة) * والرجل يسقي أبله وآخر يبيع سلعته على عادتهم في تصرفاتهم، فإذا اخذتهم ونزلت بهم لم يستطيعوا توصية ولم يرجعوا إلى أهلهم للمعاجلة، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال (هي ثلاث نفخات: نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة القيام لرب العالمين).
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»
الفهرست