التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٨٥
لليهود، لما قالوا قد أوتينا التوراة، وفيها كل الحكمة، فبين الله تعالى أن ما يقدر عليه من الكلمات لا حصر لولا نهاية. والشجر جمع شجرة مثل تمرة وتمر، وهو كل نبات يقوم على ساق ويورق الأغصان. ومنه اشتقت المشاجرة بين الناس في الامر. ومنه قوله * (في ما شجر بينهم) * وشجر تشجيرا وتشاجروا تشاجرا، ومد البحر إذا جرى غيره إليه حالا بعد حال. ومنه المد والجزر.
ومد النهر ومده نهر آخر يمده مدا. وقال الفراء: يقولون: أمدد تك ألفا فمددت.
* (ان الله عزيز حكيم) * معناه عزيز في انتقامه من أعدائه * (حكيم) * في أفعاله. ثم قال * (ما خلقكم) * معشر الخلق * (ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) * أي إلا كبعث نفس واحدة أي لا يشق عليه ابتداء جميع الخلق ولا إعادتهم بعد إفنائهم، وأن جميع ذلك من سعة قدرة الله كالنفس الواحدة. إذ المراد أن خلقها لا يشق عليه.
وقوله * (إن الله سميع) * أي يسمع ما يقول القائلون في ذلك * (بصير) * بما يضمرونه في قوله " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " وفي ذلك تهديد على المخالفة فيه. ثم قال " ألم تر " يا محمد، والمراد به جميع المكلفين " أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل " قال قتادة: معناه ينقص من الليل في النهار، ومن النهار في الليل. وقال غيره: معناه إن كل واحد منهما يتعقب الآخر * (وسخر الشمس والقمر كل يجري) * لأنهما يجريان على وتيرة واحدة لا يختلفان بحسب ما سخرهما له، كل ذلك يجري * (إلى أجل مسمى) * قدره الله ان يفنيه فيه. وقال الحسن: الأجل المسمى القيامة * (وإن الله) * عطف على * (ألم تر) * فلذلك نصبه، وتقديره: وتعلم * (أن الله بما تعملون خبير) * من
(٢٨٥)
مفاتيح البحث: الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست