بعض المشقة. ثم قال " إن ذلك " أي ما ذكره من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر " من عزم الأمور " من العقد الصحيح على فعل الحسن بدلا من القبيح، والعزم العقد على الامر لتوطين النفس على فعله وهي الإرادة المتقدمة للفعل بأكثر من وقت، لان التلون في الرأي يناقض العزم. قال الله تعالى " فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل " (1).
ثم حكى ما قال لقمان لابنه، فإنه قال له أيضا " ولا تصعر خدك للناس " ومعناه لا تعرض بوجهك عن الناس تكبرا - ذكره ابن عباس - واصل الصعر داء يأخذ الإبل في أعناقها أو رؤسها حتى يلفت أعناقها فتشبه به الرجل المتكبر على الناس. وقال عمر بن جني الثعلبي واضافه المبرد إلى الفرزدق:
وكنا إذا الجبار صعر خده * أقمنا له من مثله فتقوما (2) قال أبو علي الفارسي: يجوز أن يكون تصعر وتصاعر بمعنى، كقولهم ضعف وضاعف، قال أبو الحسن (لا تصاعر) لغة أهل الحجاز و (لا تصعر) لغة بني تميم. والمعنى ولا تتكبر، ولا تعرض عنهم تكبرا " ولا تمش في الأرض مرحا " أي مشي مختال متكبر " ان الله لا يحب كل مختال فخور " فالاختيال مشية البطر، قال مجاهد: المختال المتكبر، والفخر ذكر المناقب للتطاول بها على السامع، يقال: فخر يفخر فخرا وفاخره مفاخرة وفخارا، وتفاخرا تفاخرا وافتخر افتخارا.
ثم قال له " واقصد في مشيك " أي اجعل مشيك مشي قصد، لا تمشي مشي مختال ولا متكبر " واغضض من صوتك " أي لا ترفع صوتك متطاولا لأنه مذموم " ان انكر الأصوات لصوت الحمير " قال الفراء: معناه إن أشد