التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٨٨
وقوله " أم كان من الغائبين " معنى (أم) بل. وقيل: " معناه أتأخر عصيانا " أم كان من الغائبين " لعذر وحاجة. ثم قال " لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين " وهذا وعيد منه للهدهد أنه متى لم يأت سليمان بحجة ظاهرة في تأخره يفعل به أحد ما قاله، عقوبة له على عصيانه. قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك: تعذيب الهدهد نتف ريشه وطرحه في الشمس.
قوله " فمكث غير بعيد " أي لبث غير بعيد، وفى ماضيه لغتان - فتح الكاف وضمها - ثم جاء سليمان، فقال معتذرا عن تأخره، واخلاله بموضعه " أحطت بما لم تحط به " أي علمت ما لم تعلم، وعلم الإحاطة هو أن يعلمه من جميع جهاته التي يمكن أن يعلم عليها تشبيها بالسور المحيط بما فيه. ثم قال له " وجئتك من سبأ " يا سليمان يا نبي الله " بنبأ " و (سبأ) مدينة أو قبيلة على ما بيناه.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله ان (سبأ) رجل واحد له عشرة من العرب فتيامن ستة وتشاءم أربعة، فالذين تشاءموا: لخم، وجذام، وغسان، وعاملة.
والذين تيامنوا: كندة، والأشعرون، والأزد، ومذحج، وحمير، وانمار، ومن الانمار خثعم وبجيلة.
وقوله " بنبأ يقين " أي بخبر لا شك فيه، وانه يحتاج إلى معرفته، لما فيه من الاصلاح لقوم قد تلاعب بهم الشيطان في ذلك، فعذره عند ذلك سليمان [. وقيل: عذر الهدهد بما أخبره بما يحبه لما فيه من الاجر وإصلاح الملك الذي وهبه الله] (1) ثم شرح الخبر فقال " إني وجدت امرأة تملكهم " وتتصرف فيهم بحيث لا يعترض عليها أحد ومع ذلك " أوتيت من كل شئ " أي

(1) ما بين القوسين كان في المطبوعة متأخرا عن مكانه أسطرا
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست