الفراء: هي حية بين الصغيرة والكبيرة، قال الراجز:
يرفعهن بالليل إذا ما أسدفا * أعناق جان وهاما رجفا (1) ووصف العصا في هذا الموضع " كأنها جان " وفى الشعراء بأنها ثعبان، وهي الحية الكبيرة، لأنها جمعت صفة الجان في اهتزازه وسرعة حركته مع أنه ثعبان في عظمه، ولذلك هاله ف " ولى مدبرا ". وقيل إنها أول شئ صارت جانا ثم تدرجت إلى أن صارت ثعبانا، وهم يشاهدونها، وذلك أعظم في الاعجاز.
وقيل: ان الحالين مختلفان، لان الحال التي صارت فيها جانا هي الحال التي خاطبه الله في أول ما بعثه نبيا، والحال التي صارت ثعبانا هي الحال التي لقي فرعون فيها. فلا تنافي بينهما على حال.
وقوله " ولم يعقب " معناه ولم يرجع - في قول قتادة - وقال الجبائي معناه لم يرجع على عقبيه. والمعاقبة ذهاب واحد ومجئ آخر على وجه المناوبة. وإنما ولى منها موسى بالبشرية، لا انه شك في كونها معجزة له ولا يضره ذلك.
وقوله " يا موسى لا تخف " نداء من الله تعالى لموسى وتسكين منه، ونهي له عن الخوف. وقال له انك مرسل و " لا يخاف لدي المرسلون " لأنهم لا يفعلون قبيحا، ولا يخلون بواجب، فيخافون عقابه عليه، بل هم منزهون عن جميع ذلك.
وقوله " إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء " صورته صورة الاستثناء، وهو منقطع عن الأول وتقديره لكن من ظلم نفسه بفعل القبيح، ثم بدل حسنا بعد سوء، بأن تاب من القبيح، وفعل الحسن، فإنه يغفر له. وقال قوم: