" الشياطين " ولم يعدها الأول.
يقول الله تعالى " وما أهلكنا من " أهل " قرية " بالعذاب الذي أنزلناه عليهم فيما مضى من الأمم السالفة * (الا) * وكان * (لها منذرون) * يخوفونهم بالله ويحذرونهم معاصيه. وقوله " ذكرى وما كنا ظالمين " معناه ذاك الذي قصصناه من إنزال العذاب بالأمم الخالية " ذكرى " لكم تتعظون بها. ثم بين أن ذلك كان عدلا، ليكون أشد في الزجر، وإن الله تعالى لم يكن ظالما لاحد.
وموضع " ذكرى " يجوز أن يكون نصبا بالانذار، ويجوز أن يكون رفعا بالاستئناف على ذلك (ذكرى). والذكرى: هو إظهار المعنى للنفس تقول:
ذكرته ذكرى.
وبين ان ذلك ليس مما ينزل به الشياطين ويغوون به الخلق، بل هو وحي من الله تعالى. ثم بين انه ليس ينبغي للشياطين أنزال ذلك. انهم لا يستطيعون على ذلك. ومعنى ينبغي لك كذا يطلب منه فعله في مقتضى العقل، فتقول:
ينبغي لك أن تختار الحسن على القبيح، ولا ينبغي لك أن تختار القبيح على الحسن. واصله من البغية التي هي الطلب، وقرا الحسن و " ما تنزلت به الشياطون " بالواو، ظنا منه أنه مثل (المسلمين). وهذا لحن بلا خلاف، لأنه جمع تكسير شيطان وشياطين. والاستطاعة هي القدرة التي ينطاع بها الفعل للجارحة. ثم قال: " انهم " يعني الشياطين " عن السمع لمعزولون " وقيل: معناه إنهم عن عن استراق السمع من السماء لمعزولون. وقيل: عن سمع القرآن - في قول قتادة - لمعزولون معناه منحون. فالعزل تنحية الشئ عن الموضع إلى خلافه، وهو ان يزيله عن أمر إلى نقيضه، كما قال الشاعر: