التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٦٣
على صحة أمره. ومن حيث أن مجيئه على ما تقدمت البشارة به بجميع أوصافه لا يكون إلا من جهة علام الغيوب. وقيل: من علماء بني إسرائيل عبد الله ابن سلام - في قول ابن مسعود وابن عباس ومجاهد - ثم قال " ولو نزلناه " يعني القرآن " على بعض الأعجمين " قيل: معناه على أعجم من البهائم أو غيره ما آمنوا به - ذكره عبد الله بن مطيع - وقيل: معناه " لو نزلناه على " رجل أعجم اللسان ما آمنوا به ولتكبروا عليه، لأنه من غيرهم، وأن المعجزة تفارقه، وفي ذلك تسلية للنبي صلى الله عليه وآله حين لم يؤمنوا به، ولم يقبلوا منه. ونقيض الأعجم الفصيح، والأعجم الذي يمتنع لسانه من العربية. والعجمي نقيض العربي، وهو نسبة الولادة، قال الشاعر:
من وائل لا حي يعدلهم * من سوقة عرب ولا عجم (1) وإذا قيل أعجمي، فهو منسوب إلى أنه من الأعجمين الذين لا يفصحون كما قال العجاج:
والدهر بالانسان دواري (2) فنسبه إلى أنه من الدوارين بالانسان.
وقوله " كذلك سلكناه في قلوب المجرمين " فالهاء كناية عن القرآن.
ومعناه أقررناه في قلوبهم باخطاره ببالهم لتقوم به الحجة عليهم، ولله لطف يوصل به المعنى في الدليل إلى القلب، فمن فكر فيه أدرك الحق به. ومن أعرض عنه كان كمن عرف الحق وترك العمل به في لزوم الحجة عليه.
والفرق بين من أدرك الحق لسلوكه في القلب، وبين من أدرك الحق بالاضطرار إليه في القلب، أن الاضطرار إليه يوجد الثقة به فيكون، صاحبه عالما به. واما

(1) تفسير الطبري 19 / 64 (2) مر تخريجه في 4 / 377، 505
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست