لسمع، أي يلقون ما يسمعون باستراق السمع إلى كل أفاك أثيم - في قول مجاهد - ثم اخبر تعالى أن أكثرهم كاذبون فيما يلقونه إليهم.
وقوله " والشعراء يتبعهم الغاوون " قال الحسن: هم الذين يسترقون السمع ويلقونه إلى الكهنة، وقال إنما يأخذون أخبارا عن الوحي " انهم عن السمع لمعزولون " أي عن سمع الوحي. وقيل: ان الشعراء المراد به القصاص الذين يكذبون في قصصهم ويقولون ما يخطر ببالهم.
وقوله " ألم تر انهم في كل واد يهيمون " أي هم لما يغلب عليهم من الهوى كالهائم على وجهه في كل واد يعن له، وليس هذا من صفة من عليه السكينة والوقار ومن هو موصوف بالحلم والعقل. والمعنى أنهم يخوضون في كل فن من الكلام والمعاني التي يعن لهم ويريدونه. وقال ابن عباس وقتادة:
معناه في كل لغو يخوضون: يمدحون ويذمون، يعنون الباطل. وقال الجبائي:
معناه يصغون إلى ما يلقيه الشيطان إليهم على جهة الوسوسة لما يدعوهم إليه من الكفر والضلال. وقيل: إنما صار الأغلب على الشعراء الغي باتباع الهوى، لان الذي يتلو الشعر - في الأكثر - العشاق ولذلك يقبح التشبيب. مع أن الشاعر يمدح للصلة ويهجو على جهة الحمية فيدعوه ذلك إلى الكذب، ووصف الانسان بما ليس فيه من الفضائل والرذائل.
وقرأ نافع " يتبعهم " بتخفيف التاء من تبعه إذا اقتفى أثره، يقال تبع فلانا إذا سار في أثره واتبعه لحقه. الباقون: بالتشديد من الاتباع، ومعناهما واحد.
والآية قيل نزلت في الشعراء الذين هجوا رسول الله صلى الله عليه وآله والمؤمنين، وهي تتناول كل شاعر يكذب في شعره - ذكره الفراء - وقيل: انها نزلت في ابن الزبعري وأمثاله.