التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٨
فإنه كان من بني إسرائيل، وكانوا هم قبطا ولم يسمه الله بأنه أخوهم. ثم حكى عن شعيب أنه قال لقومه مثل ما قاله سائر الأنبياء وقد فسرناه.
ثم قال لهم " أوفوا الكيل " أي أعطوا الواجب وافيا غير ناقص ويدخل الوفاء في الكيل والذرع والعدد، يقال: أوفى يوفي إيفاء ووفاء. ونهاهم أن يكونوا من المخسرين، فالمخسر المعرض للخسران في رأس المال بالنقصان أخسر يخسر إخسارا إذا جعله يخسر في ماله، وخسر هو يخسر خسرانا وأخسره نقيض أربحه. وأمرهم أن يزنوا بالقسطاس المستقيم، فالوزن وضع شي بإزاء المعيار، لما يظهر منزلته منه في ثقل المقدار إما بالزيادة أو النقصان أو التساوي. والقسطاس العدل في التقويم على المقدار، وهو على وزن (قرطاط) وجمعه قساطيس. وقال الحسن: القسطاس القبان. وقال غيره هو الميزان. وقال قوم هو العدل والسواء. ذكره أبو عبيدة.
ثم قال لهم " ولا تبخسوا الناس أشياءهم " أي لا تنقصوها، " ولا تعثوا في الأرض مفسدين " قال قوم: لا تعثوا فيها بالمعاصي. وقال سعيد ابن المسيب: معناه لا تفسدوا فيها بعد اصلاحها. وقال أبو عبيدة: عثا يعثا عثوا وهو أشد الفساد بالخراب. وقال غيره: عثا يعثوا عثوا، وعاث يعيث عيثا.
ثم قال لهم " واتقوا الذي خلقكم " وأوجدكم بعد العدم " والجبلة الأولين " فالجبلة الخليقة التي طبع عليها الشئ - بكسر الجيم - وقيل أيضا بضمها ويسقطون الهاء أيضا فيخففون. ومنه قوله " ولقد أضل منكم جبلا كثيرا " (1) وقال أبو ذؤيب:

(1) سورة 36 يس آية 62
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست