التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥١٩
الثاني - انه إنما أمره بالذبح وذبح، وكل ما فرى جزء من حلقه وصله الله بلا فصل حتى انتهى إلى آخره فاتصل به، وصله الله تعالى، فقد فعل ما أمر به ولم يبن الرأس ولا انتفى الروح.
الثالث - انه امر بالذبح بشرط التخلية والتمكين، فكان كما روي أنه كلما أعمد بالشفرة انقلبت وجعل على حلقه صفحة من نحاس، وهذا الوجه ضعيف، لان الله تعالى لا يجوز ان يأمر بشرط، لأنه عالم بالعواقب، وإنما يأمر الواحد منا بشرط ذلك لأنه لا يعلم العواقب، ولان فيه انه أمر بما منع منه وهذا عيب فاما قول من قال: انه فداه بذبح، فدل ذلك على أنه كان مأمورا بالذبح على الحقيقة، اعتراضا على الوجه الأول، لان من شأن الفداء أن يكون من جنس المفدي، فليس بشئ، لأنه لا يلزم ذلك الا ترى ان من حلق رأسه وهو محرم يلزمه ذلك، وكذلك إذا لبس ثوبا مخيطا أو شم طيبا أو جامع. وإن لم يكن جميع ذلك من جنس المفدي.
وقوله * (إنا كذلك نجزي المحسنين) * معناه إنا جازينا إبراهيم على فعله بأحسن الجزاء. ومثل ذلك نجزي كل من فعل طاعة، فانا نجازيه على فعله بأحسن الجزاء.
ثم اخبر تعالى بأن هذا الذي تعبد به إبراهيم هو البلاء المبين أي الاختبار الظاهر وقيل: هو النعمة البينة الظاهرة، وتسمى النعمة بلاء والنقمة أيضا بلاء من حيث إنها سميت بسببها المؤدي إليها، كما يقال لأسباب الموت هو الموت بعينه * (والمبين) * هو البين في نفسه الظاهر، ويكون بمعنى الظاهر، ويكون بمعنى المظهر ما في الامر من خير أو شر.
ثم قال تعالى * (وفديناه) * يعني ولد إبراهيم * (بذبح عظيم) * فالفداء جعل
(٥١٩)
مفاتيح البحث: الموت (2)، المنع (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 ... » »»
الفهرست