* (وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين) * فدل على أن الذبيح كان إسماعيل.
ومن قال: إنه بشر بنبوة إسحاق دون مولده، فقد ترك الظاهر لأن الظاهر يقتضي البشارة بإسحاق دون نبوته، ويدل أيضا عليه قوله * (فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) * ولم يذكر إسماعيل، فدل على أنه كان مولودا قبله وأيضا فإنه بشره بإسحاق وانه سيولد له يعقوب، فكيف يأمره بذبحه مع ذلك. وأجابوا عن ذلك بأن الله لم يقل إن يعقوب يكون من ولد إسحاق. وقالوا أيضا يجوز أن يكون أمره بذبحه بعد ولادة يعقوب، والأول هو الأقوى على ما بيناه. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: انا ابن الذبيحين، ولا خلاف انه كان من ولد إسماعيل والذبيح الآخر عبد الله أبوه. وروي عن ابن عباس وعلي وابن مسعود وكعب الأحبار انه كان إسحاق. وروي ذلك أيضا في اخبارنا.
وفى الناس من استدل بهذه الآية على جواز النسخ قبل وقت فعله من حيث إن الله تعالى كان قد امره بذبح ولده ثم نسخ عنه قبل ان يفعله، ولا يمكننا ان نقول إن الوقت كان قد مضى، لأنه لو أخره عن الوقت الذي امره به فيه لكان عاصيا، ولا خلاف أن إبراهيم لم يعص بذلك.
فدل على أنه نسخ عنه قبل وقت فعله.
ومن لم يجز النسخ قبل وقت فعله أجاب عن ذلك بثلاثة أجوبة:
أحدها - ان الله تعالى أمر إبراهيم ان يقعد منه مقعد الذابح ويشد يديه ورجليه ويأخذ المدية ويتركها على حلقه وينتظر الامر بامضاء الذبح على ما رأى في منامه وكل ذلك فعله، ولم يكن أمره بالذبح، وإنما سمي مقدمات الذبح بالذبح لقربه منه وغلبة الظن انه سيؤمر بذلك على ضرب من المجاز.