التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٣٠
وقوله * (للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) * إخبار منه تعالى انه لولا تسبيح يونس لتركه إليه أي كان يبقى في بطنه إلى يوم القيامة الذي يحشر الله فيه الخلائق، وقوله * (فنبذناه بالعراء وهو سقيم) * إخبار منه تعالى انه لما أراد تخليصه طرحه بالعراء وهو الفضاء الذي لا يواريه شجر ولا غيره. قال الشاعر:
فرفعت رجلا لا أخاف عثارها * ونبذت بالبلد العراء ثيابي (1) وقال السدي: لبث في بطن الحوت أربعين يوما * (وهو سقيم) * أي هو مريض حين ألقاه الحوت.
ثم اخبر تعالى انه انبت عليه شجرة من يقطين تكنه من حر الشمس.
اليقطين كل شجرة ليس لها ساق يبقى من الشتاء إلى الصيف، فهي يقطين وقال ابن عباس وقتادة: هو القرع. وقال مجاهد وسعيد بن جبير كل شجر لا يقوم على ساق كالبطيخ والدبا والقرع فهو يقطين. وهو تفعيل من قطن بالمكان إذا أقام إقامة زائل لا إقامة راسخ كالنخل والزيتون ونحوه والقطاني من الحبوب التي تقيم في البيت، قال أمية بن أبي الصلت.
فانبت يقطينا عليه برحمة * من الله لولا الله القى ضاحيا (2) وروي عن ابن عباس ان اليقطين كل شجرة لها ورق عريض. وقوله * (وأرسلناه إلى مئة الف أو يزيدون) * قيل: أرسل الله يونس إلى أهل نينوى من أرض الموصل - في قول قتادة - وقال ابن عباس: كانت رسالته بعدما نبذه الحوت، فيجوز على هذا انه أرسل إلى قوم بعد قوم ويجوز أن يكون ارسل إلى الأولين بشريعة فآمنوا بها. وقيل: إن قوم يونس لما رأوا إمارات العذاب ولم يكونوا قد بلغوا حد الاجبار واليأس من البقاء

(١) مجاز القرآن 2 / 175 واللسان (عمرا) (2) تفسير الطبري 23 / 59
(٥٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 ... » »»
الفهرست