علة في الحال، وكان صادقا في ذلك. وقيل: معناه إن عاقبتي الموت، ومن كان عاقبته الموت جاز أن يعبر عن حال حياته بأنه مريض. وقيل: معناه إني سأسقم في المستقبل، وقيل: إنه أراد بقوله: سقيم مطعون، فلذلك تركوه خوفا من أن يتعدى إليهم الطاعون.
فأما من قال: إنه لم يكن سقيما وإنما كذب فيه ليتأخر عن الخروج معهم إلى عيدهم لتكسير أصنامهم وانه يجوز الكذب في المكيدة والتقية، فقوله باطل، لان الكذب قبيح لا يحسن على وجه.
فأما ما يرونه من أن النبي صلى الله عليه وآله قال (ما كذب أبي إبراهيم الا ثلاث كذبات يحاجز بها عن ربه: قوله إني سقيم ولم يكن كذلك، وقوله * (بل فعله كبيرهم هذا) * وقوله في سارة انها أختي وكانت زوجته) *.
فأول ما فيه أنه خبر واحد لا يعول عليه. والنبي صلى الله عليه وآله أعرف بما يجوز على الأنبياء ومالا يجوز من كل واحد، وقد دلت الأدلة العقلية على أن الأنبياء لا يجوز أن يكذبوا في ما يؤدونه عن الله من حيث أنه كان يؤدي إلى أن لا يوثق بشئ من اخبارهم وإلى أن لا ينزاح علة المكلفين، ولا في غير ما يؤدونه عن الله من حيث أن تجويز ذلك ينفر عن قبول قولهم، فإذا يجب ان يقطع على أن الخبر لا أصل له. ولو سلم لجاز أن يكون المعنى مع ظاهره مظاهر للكذب، وإن لم يكن في الحقيقة كذلك، لان قوله * (إني سقيم) * قد بينا الوجه فيه. وقوله * (بل فعله كبيرهم) * بيناه في موضعه. وقوله في سارة إنها أختي معناه إنها أختي في الدين، وقد قال الله تعالى إنما المؤمنون أخوة، وإن لم يكونوا بني أب واحد.
وقوله * (فتولوا عنه مدبرين) * اخبار منه تعالى أنه حين قال لهم إني