التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٩٩
فإنه يقول " تالله إن كدت لتردين " ومعنى (تالله) القسم على وجه التعجب وإنما كان كذلك، لان التاء بدل من الواو في القسم على وجه النادر، ولذلك اختصت باسم الله ليدل على المعنى النادر.
وقوله " إن كدت لتردين " وهي التي في قوله " إن كل نفس لما عليها حافظ " (1) إلا أنها دخلت في هذا على (فعل) ومعنى " لتردين " لتهلكني كهلاك المتردي من شاهق، ومنه قوله " وما يغني عنه ماله إذا تردى " (2) في النار، وتقول ردي يردى إذا هلك وأرداه غيره إرداء إذا أهلكه ثم يقول " فلو لا نعمة ربي " علي ورحمته لي بأن لطف لي في ترك متابعتك والقبول منك " لكنت " أنا أيضا " من المحضرين " معك في النار فالاحضار الاتيان بالشئ إلى حضرة غيره، وقال الشاعر:
أفي الطوف خفت علي الردى * وكم من رد أهله ولم يرم (3) أي من هالك، وقوله " أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين " هذا تقريع لهم وتوبيخ، لان هذا الكافر كان يقول كثيرا ذلك في دار الدنيا، ومثله قول الشاعر:
قالت له ويضيق ضنك * لا تكثري لومي أخلي عنك ومعناه إنها كانت تلومه على الانفاق، فكان يقول لا تكثري لومي فاطلقك فلما انفق عيرته بذلك ووبخته وحكت ما كان يقول عند توبيخها وعذلها.
وقال الجبائي: هذا يقوله المؤمن على وجه الاخبار بأنه لا يموت بعد هذا النعيم لكن الموتة الأولى قد مضت، فتلخيص معنى الآية قولان:

(1) سورة 86 الطارق آية 4 (2) سورة 92 الليل آية 11 (3) الطبري 23 / 36
(٤٩٩)
مفاتيح البحث: الهلاك (3)، الموت (1)، الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 ... » »»
الفهرست