التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٠٩
ظن؟! وقيل معنى * (فنظر نظرة في النجوم) * أي انه استدل بها على وقت حمى كانت تعتاده * (فقال أني سقيم) * ومن أشرف على شئ جاز أن يقال إنه فيه، كما قال تعالى * (إنك ميت وإنهم ميتون) * (1) ولم يكن نظره في النجوم على حسب المنجمين طلبا للاحكام، لان ذلك فاسد، ومثله قول الشاعر:
اسهري ما سهرت أم حكيم * واقعدي مرة لذاك وقومي وافتحي الباب فانظري في النجوم * كم علينا من قطع ليل بهيم وقال الزجاج نظره في النجوم كنظرهم، لأنهم كانوا يتعاطون علم النجوم فتوهموا هم أنه يقول مثل قولهم، فقال عند ذلك * (إني سقيم) * فتركوه ظنا منهم أن نجمه يدل على سقمه. وقال أبو مسلم: معناه إنه نظر فيها نظر مفكر فاستدل بها على أنها ليست آلهة له، كما قال تعالى في سورة الأنعام * (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي....) * تمام الآيات (2) وكان هذا منه في زمان مهلة النظر. وهذا الذي ذكره يمنع منه سياق الآية، لان الله تعالى حكى عن إبراهيم أنه * (جاء ربه بقلب سليم) * يعني سليم من الشرك، وذلك لا يليق بزمان مهلة النظر. ثم أنه قال لقومه على وجه التقبيح لفعلهم * (ماذا تعبدون أئفكا آلهة دون الله تريدون. فما ظنكم برب العالمين) * وهذا كلام عارف بالله مستبصر، وكيف يحمل على زمان مهلة النظر. وقيل: في معنى قوله * (إني سقيم) * إني سقيم القلب مما أرى من أحوالكم القبيحة من عبادة غير الله وعدو لكم عن عبادته مع وضوح الأدلة الدالة على توحيده واستحقاقه للعبادة منفردا بها. وقيل: إنه كان عرضت له

(1) سورة 39 المزمل آية 30 (2) سورة 6 الانعام آية 76
(٥٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 ... » »»
الفهرست