التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٠٥
بمعنى الذم بالضلال والحكم عليه به، وقد يكون بمعنى الامر به والاغراء كقوله " وأضلهم السامري " (1). والأكثر هو الأعظم في العدد، والأول الكائن قبل غيره. وأول كل شئ هو الله تعالى، لان كل ما سواه فهو موجود بعده.
ثم أقسم انه أرسل فيهم منذرين من الأنبياء والرسل يخوفونهم بالله ويحذرونهم معاصيه. ثم قال " فانظر " يا محمد " كيف كان عاقبة المنذرين " والتقدير ان الأنبياء المرسلين لما خوفوا قومهم فعصوهم ولم يقبلوا منهم أهلكهم وأنزل عليهم العذاب، فانظر كيف كان عاقبتهم.
ثم استثنى من المنذرين في الاهلاك عباده المخلصين الذين قبلوا من الأنبياء، وأخلصوا عبادتهم لله تعالى، فان الله تعالى خلصهم من ذلك العذاب ووعدهم بالثواب.
ثم أخبر ان نوحا نادى الله ودعاه واستنصره على قومه، وأنه تعالى أجابه، وانه - عز وجل نعم المجيب لمن دعاه وتقديره فلنعم المجيبون نحن له ولما أجابه نجاه وخلصه وأهله من الكرب العظيم، فالنجاة هي الرفع من الهلاك واصله الرفع، فمنه النجوة المرتفع من المكان ومنه النجا النجا كقولهم الوحا الوحا.
والاستنجاء رفع الحدث. والكرب الحزن الثقيل على القلب، قال الشاعر:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه * يكون وراءه فرج قريب (2) والكرب تحرير الأرض باصلاحها للزراعة. والكرب هو الذي يحمي قلب النخلة بإحاطته بها وصيانته لها. والعظيم الذي يصغر مقدار غيره عنه. وقد

(1) سورة 20 طه آية 85 (2) مر في 6 / 283
(٥٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 ... » »»
الفهرست