التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٤٨
الملائكة به إذا قابلوا به ما يحدث من الأمور، وكان فيه دليل على معلومات الله على التفصيل.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله * (واضرب لهم مثلا) * معناه اذكر لهم مثلا. وقيل:
معناه مثل لهم مثلا، من قولهم: هؤلاء اضراب أي أمثال. وقوله * (أصحاب القرية) * قال عكرمة والفراء: هي أنطاكية * (إذ جاءها المرسلون) * اي حيث بعث الله إليهم بالرسل * (إذ أرسلنا إليهم اثنين) * يعني رسولين. وقال قوم:
كانا رسولي عيسى من حواريه. وقال آخرون: كانا رسولين من رسل الله وهو الظاهر * (فكذبوهما) * أي جحدوا نبوتهما * (فعززنا بثالث) * أي فعززهما الله بثالث فيمن قرأ بالتشديد وشد ظهرهما به - في قول مجاهد وابن زيد - ومن خفف أراد فغلب الله بثالث أرسله إليهم * (فقالوا) * لهم يا أهل القرية * (إنا إليكم مرسلون) * أرسلنا الله إليكم * (قالوا) * لهم * (ما أنتم إلا بشر مثلنا) * أي ليس أنتم إلا بشر أمثالنا، فدخلت عليهم الشبهة فاعتقدوا أنه من حيث إنهم أمثالهم في البشرية لا يصلح ان يكونوا رسلا كمالا يصلحون هم لذلك * (وما انزل الرحمن من شئ) * مما تذكرونه وتدعونا إليه * (ان أنتم إلا تكذبون) * أي ليس أنتم إلا كاذبون على الله ومتخرصون عليه في ادعائكم الرسالة، وذهب عنهم معنى * (اخترناهم على علم على العالمين) * (1) وأنه تعالى علم من حال هؤلاء صلاحهم للرسالة وتحملهم لأعبائها ولم يعلم ذلك من حالهم بل على خلاف ذلك.

(1) سورة 44 الدخان آية 32
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»
الفهرست