التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٤٧
قرأ أبو بكر عن عاصم * (فعززنا) * مخففا بمعنى فقهرنا من قولهم: من عزيز الباقون بالتشديد يعني قوينا الاثنين بثالث معينا، لما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله إن هؤلاء الكفار لا يؤمنون أبدا واخبره بأنه سواء عليهم الانذار وترك الانذار بين ههنا حال من ينتفع بالانذار فقال * (إنما تنذر من اتبع الذكر) * ومعناه إنما ينتفع بانذارك وتخويفك من اتبع الذكر، لان نفس الانذار قد حصل للجميع وأضافه - ههنا - إلى من اتبع الذكر لما كانوا المنتفعين به، كما قال * (هدى للمتقين) *. والذكر المذكور - ههنا - القرآن - في قول قتادة - * (وخشي الرحمن بالغيب) * قيل في معناه قولان:
أحدهما - وخشي الرحمن وخاف ارتكاب معاصيه في غيبه عن الناس.
والثاني - وخشي الرحمن في ما غاب عنه من الآخرة وأمرها.
ثم قال لنبيه من هذه صفته * (فبشره بمغفرة) * من الله لذنوبه * (واجر) * أي ثواب * (كريم) * وهو ما يفعله الله على وجه الاجلال والاكرام. وقيل: الاجر الكريم الجنة.
ثم اخبر تعالى عن نفسه فقال * (إنا نحن نحي الموتى) * بعد أن أفنيناهم * (ونكتب ما قدموا) * من طاعاتهم ومعاصيهم في دار الدنيا، وهو قول مجاهد وقتادة * (وآثارهم) * قال مجاهد: يعني خطاهم إلى المساجد، لان نبي سلمة من الأنصار شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بعد منازلهم من المسجد والصلاة مع رسول الله، فنزلت فيهم الآية وقيل: معناه وآثارهم التي تبقى بعدهم ويقتدى بهم فيها.
ثم قال * (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) * ومعناه أحصيناه في كتاب ظاهر، وهو اللوح المحفوظ. والوجه في احصاء ذلك في إمام مبين اعتبار
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست