زمان الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام * (فهم غافلون) * عما تضمنه القرآن وعما أنذر الله من نزول العذاب. ومثل الغفلة السهو، وهو ذهاب المعنى عن النفس ومثله النسيان وهو ذهاب الشئ عن النفس بعد حضوره فيها.
ثم اخبر تعالى مقسما انه * (لقد حق القول على أكثرهم) * اي وجب باستحقاق العقاب بادخالهم النار * (فهم لا يؤمنون) * لذلك، وقد سبق في علم الله. ثم اخبر تعالى فقال * (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا) * أي جعل الغل في أعناقهم وهو جمع عنق * (فهي إلى الأذقان) * والأذقان جمع ذقن وهو مجمع اللحيين. وقيل بأيمانهم إلى أذقانهم، فكنى عنها، لأنها معلومة. وقيل:
التقدير بالاغلال بالايمان إلى الأذقان فهو محذوف، قال الشاعر:
وما أدري إذا يممت أرضا * أريد الخير أيهما يليني أألخير الذي أنا أبتغيه * أم الشر الذي لا يأتليني (1) * (فهم مقمحون) * فالمقمح الغاض بصره بعد رفع رأسه، وقيل هو المقنع وهو الذي يجذب ذقنه حتى تصير في صدره ثم يرفع. والقمح من هذا وهو رفع الشئ إلى الفم، والبعير القامح الذي إذا أورده الماء في الشتاء رفع رأسه وشال به نصبا لشدة البرد، قال الشاعر:
ونحن على جانبها قعود * نغض الطرف كالإبل القماح (2) وقيل: قد رفعوا رؤسهم وشخصوا بأبصارهم - ذكره مجاهد - ثم قال * (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا) * ومعناه سدا عن الحق - في قول مجاهد وقتادة - اي على جهة الذم لهم، وصفهم بذلك لا أنهم منعوا منه وكذلك ذكر الاغلال كما قال الأفوه الأزدي: