وقوله * (وكانوا شيعا) * أي فرقا، والشيع الفرق التي يجتمع كل فريق منها على مذهب، خلاف مذهب الفريق الآخر، وشيعة الحق هم الذين اجتمعوا على الحق. وكذلك شيعة أمير المؤمنين عليه السلام هم الذين اجتمعوا معه على الحق وقال قتادة: المعنى بقوله * (من الذين فرقوا دينهم) * اليهود والنصارى، وقال غيره: كل من خالف دين الحق الذي أمر الله به داخل فيه وهو أعم فائدة.
ثم اخبر تعالى ان * (كل حزب) * أي كل فريق * (بما لديهم فرحون) * من الاعتقاد الذي يعتقدونه يسرون به لاعتقادهم أنه الحق دون غيره.
وقوله " وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه " قال الحسن: إذا أصابهم مرض أو فقر دعوا الله تعالى راجعين إليه مخلصين في الدعاء له " ثم إذا أذاقهم منه رحمة " بأن يعافيهم من المرض أو يغنيهم من الفقر نعمة منه تعالى عليهم " إذا فريق منهم بربهم يشركون " أي يعودون إلى عبادة غير الله بخلاف ما يقتضي العقل في مقابلة النعمة بالشكر. ثم بين أنهم يفعلون ذلك " ليكفروا بما آتيناهم " أي بما آتاهم الله من نعمه. ثم قال تعالى مهددا لهم " فتمتعوا " أي انتفعوا بهذه النعم الدنيوية كيف شئتم " فسوف تعلمون " ما فيه من كفركم ومعصيتكم أي تصيرون في العاقبة إلى عذاب الله وأليم عقابه.
وقوله " أم أنزلنا عليهم سلطانا " اي هل أنزلنا عليهم برهانا وحجة يتسلطون به على ما ذهبوا إليه، ويحتمل أن يكون المراد هل أرسلنا إليهم رسولا فإذا حمل على البرهان، فهو بمنزلة الناطق بالامر لاظهاره إياه. وقوله " فهو يتكلم بما كانوا به يشركون " اي هل أنزلنا عليهم سلطانا اي رسولا يتكلم بأنا أرسلناه بما يدعونه من الاشراك مع الله في العبادة، فإنهم لا يقدرون على ذلك ولا يمكنهم ادعاء حجة عليه ولا برهان، والكلام وإن خرج مخرج