في قوله * (ومن آياته يريكم البرق) * ثلاثة أقوال:
أحدهما - ان تقديره ومن آياته أن يريكم. فحذف (أن) كما قال طرفة:
ألا ايهذا اللائمي احضر الوغى * وأن اشهد اللذات هل أنت مخلدي (1) الثاني - انه حذف (أنه) لدلالة (من) عليها، كما قال الشاعر:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما * أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح (2) أي فتارة أموت. وفي الآية حذف تقديره: ومن آياته آية يريكم البرق.
الثالث - ويريكم البرق من آياته على التقديم والتأخير من غير حذف.
ثم قال * (ومن آياته) * الدالة على ما ذكرناه * (أن تقوم السماء والأرض بأمره) * بلا دعامة تدعمها ولا علاقة تعلق بها، بل لان الله تعالى يسكنها حالا بعد حال لأعظم دلالة على أنه لا يقدر عليه سواه * (ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض) * أي أخرجكم من الأرض ومن قبوركم بعد أن كنتم أمواتا يبعثكم ليوم الحساب فعبر عن ذلك بما هو بمنزلة الدعاء، وبمنزلة * (كن فيكون) * في سرعة تأتي ذلك، وامتناع التعذر عليه، وإنما ذكر هذه المقدورات على اختلافها وعظم شأنها ليدل على أنه القادر الذي لا يعجزه شئ. وفي الآيات دلالة واضحة على فساد مذهب القائلين بان المعارف ضرورية لأنها لو كانت ضرورة لم يكن للتنبيه على هذه الأدلة وجه ولا فائدة فيه لان ما يعلم ضرورة لا يمكن الاستدلال عليه.