ومن كسر اللام أضاف الاعتبار بها إلى العلماء، لأنهم المنتفعون بها دون غيرهم فكأنها خلقت لهم دون غيرهم، كما قال " هدى للمتقين " (1) وإن كانت لجميع المكلفين.
ثم قال " ومن آياته " الدالة على توحيده واخلاص العبادة له * (منامكم بالليل والنهار) * فالمنام والنوم واحد، لان في النوم راحة للأجساد من الكد الذي يلحقها، والتعب الذي يصيبها * (وابتغاؤكم) * أي طلبكم المعاش وما ينفعكم * (من فضله) * أي مما يتفضل الله به عليكم. قال البلخي: ويجوز أن يكون المراد بالابتغاء المبتغا، فلذلك كان دلالة عليه دون فعل العباد، وإنما يكون فعل الله دلالة عليه لما كان باقداره وإهدائه إلى مراشده وترغيبه فيه وتسهيله له * (إن في) * خلق الله تعالى * (ذلك لآيات) * واضحات على توحيده * (لقوم يسمعون) * ذلك ويقبلونه ويفكرون فيه، لان من لا يفكر فيه ولا ينتفع به كأنه لم يسمعه.
ثم قال * (ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا) * والبرق نار تحدث في السحاب، بين تعالى أنه إنما يخلقه ليخافوا من عذابه بالنار على معصيته والكفر به، ويطمعوا في أن يتعقب ذلك مطر فينتفعون به * (وينزل من السماء ماء) * يعني غيثا ومطرا * (فيحيي به الأرض بعد موتها) * أي بعد انقطاع الماء عنها وجدوبها. وقيل: * (خوفا) * من المطر في السفر * (وطمعا) * فيه في الحضر.
وقيل: * (خوفا) * من الصاعقة * (وطمعا) * في الغيث * (إن في) * خلق الله * (ذلك لآيات) * أي دلالات واضحة * (لقوم يعقلون) * أي يفكرون فيه، لان من لا يفكر فيه ولا ينتفع به وإن كان عاقلا، فكأنه لا عقل له، وقيل: