ثم أخبر تعالى انهما مضيا " حتى إذا لقيا غلاما " أي رأيا غلاما " فقتله " قال له موسى " أقتلت نفسا زاكية " ومعناه طاهرة من الذنوب. ومن قرأ " زكية " فمعناه بريئة من الذنوب. وذلك انها كانت صغيرة لم تبلغ حد التكليف على ما روي في الاخبار. وقوله " بغير نفس " أي بغير قود، ثم قال له " لقد جئت شيئا نكرا " أي منكرا. وقيل معناه جئت بما ينبغي أن ينكر، وقال قتادة النكر أشد من الامر، وإنما قيل لما لا يجوز فعله منكرا، لأنه مما تنكر صحته العقول ولا تعرفه.
قوله تعالى:
(قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا (76) قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا (77) فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فاقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا (78) ثلاث آيات بلا خلاف.
معنى قوله " ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا " تحقيق ما قال له أولا مع نهيه عن العود لمثل سؤاله، لأنه لا يجوز أن يكون توبيخا، لأنه جار مجرى الذم في أنه لا يجوز على الأنبياء (ع) فقال له موسى في الجواب عن ذلك " ان سألتك " أي ان استخبرتك عن شئ تعمله بعد هذا " فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا " ومعناه إقرار من موسى بأن صاحبه قد قدم إليه ما يوجب العذر عنده، فلا يلزمه ما أنكره. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه تلا هذه الآية، فقال: (استحيى نبي الله