التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٨٦
ثم قال تعالى مخبرا له " انا مكنا له في الأرض " أي بسطنا يده فيها وقويناه " وآتيناه من كل شئ سببا " ومعناه علما يتسبب به إلى ما يريده - في قول ابن عباس وقتادة وابن زيد والضحاك وابن جريج - و " قيل آتيناه من كل شئ سببا " يعني ما يتوصل به إلى مراده. ويقال للطريق إلى الشئ سبب وللحبل سبب وللباب سبب " فاتبع سببا " أي سببا من الأسباب التي أوتي. ومن قرأ بقطع الهمزة أراد فلحق سببا، يقال ما زلت أتبعه حتى اتبعته أي لحقته.
وقوله " فاتبع سببا " قال مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد: معناه طرقا من المشرق والمغرب. وقيل معنى " وآتيناه من كل شئ سببا " ليستعين به على الملوك وفتح الفتوح، وقتل الاعداء في الحروب " فاتبع سببا " أي طريقا إلى ما أريد منه.
وقيل سمي (ذي القرنين) لأنه كان في رأسه شبه القرنين. وقيل سمي بذلك لأنه ضرب على جابي رأسه. وقيل: لأنه كانت له ضفيرتان. وقيل لأنه بلغ قرئي الشمس مطلعها ومغربها. وقيل: لأنه بلغ قطري الأرض من المشرق والمغرب.
وقوله " حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة " أي في عين ماء ذات حمأة - في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير - ومن قرأ " حامية " أراد حارة، في قول الحسن. وقرئ به في احدى الروايتين عن ابن عباس كقول أبي الأسود الدؤلي.
تجئ بملئها طورا وطورا * تجئ بحمأة وقليل ماء وقال أبو علي الجبائي، والبلخي: المعنى وجدها كأنها تغرب في عين حمئة، وإن كانت تغيب وراءها. قال البلخي لان الشمس أكبر من الأرض بكثير، وأنكر ذلك ابن الاخشاد. وقال: بل هي في الحقيقة تغيب في عين حمئة على ظاهر القرآن.
وقوله " ووجدنا عندها قوما قلنا يا ذا القرنين اما أن تعذب واما ان تتخذ
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست