وقوله (والذين هاجروا في سبيل الله) يعني الذين خرجوا من ديارهم وأوطانهم بغضا للمشركين الذين كانوا يؤذونهم بمكة (ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا) يعني الجنة (وان الله لهو خيرا الرازقين) ثم اقسم تعالى انه ليدخلن هؤلاء المهاجرين في سبيل الله الذين قتلوا (ليدخلنهم مدخلا يرضونه) ويؤثرونه يعني الجنة، وما فيها من أنواع النعيم. وقرأ نافع " مدخلا " بفتح الميم، يريد المصدر أو اسم المكان، وتقديره: ليدخلنهم فيدخلون مدخلا يرضونه أو مكانا يرضونه.
والباقون بضم الميم وهو الأجود، لأنه من ادخل يدخل مدخلا لقوله " وأدخلني مدخل صدق " (1) وإن الله لعليم بأحوالهم، حليم عن معاجلة الكفار بالعقوبة.
وقوله " ذلك ومن عاقت بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله " قيل نزلت في قوم من المشركين لقوا جماعة من المسلمين فقاتلوهم في الأشهر الحرم بعد أن نهاهم المسلمون عن ذلك، فأبوا. فنصروا عليهم. وقيل: إن النبي صلى الله عليه وآله عاقب بعض المشركين لما مثلوا بقوم من أصحابه يوم أحد، والأول لم يكن عقوبة، وإنما هو كقولهم الجزاء بالجزاء. والأول ليس بجزاء، وإنما هو لازدواج الكلام.
قوله تعالى:
(ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير (61) ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير (62) ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله