التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٣٣
حليم (59) ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور) (60) خمس آيات بلا خلاف.
قرأ ابن عامر " ثم قتلوا " بالتشديد. الباقون بالتخفيف. من شدد أراد التكثير. ومن خفف، فلانه يحتمل القليل والكثير.
يقول الله تعالى إن الملك في اليوم الذي وصفه بأنه " عقيم " وانه لامثل له في عظم الأهوال، فيه الملك لله تعالى وحده. لا ملك لاحد معه. وإنما خص ذلك به، لان في الدنيا قد ملك الله تعالى أقواما أشياء كثيرة. والملك اتساع المقدور لمن له تدبير الأمور، فالله تعالى يملك الأمور لنفسه، وكل مالك سواه، فإنما هو مملك له بحكمه، اما بدليل السمع أو بدليل العقل.
وقوله (يحكم بينهم) أي يفصل في ذلك اليوم بين الخلائق، وينصف بينهم في الحكم، والحكم الخبر بالمعنى الذي تدعو إليه الحكمة، ولهذا قيل: الحكم له، لان كل حاكم غيره، فإنما يحكم باذنه واعلام من جهته إما من جهة العقل أو جهة السمع.
ثم اخبر تعالى ان (الذين آمنوا) اي صدقوا بوحدانيته، وصدقوا أنبياءه (وعملوا الصالحات) التي أمر الله بها انهم (في جنات النعيم) منعمين فيها.
(وإن الذين كفروا) اي جحدوا ذلك (وكذبوا) بآيات الله، فان لهم عذابا مهينا، يهينهم ويذلهم. والهوان الاذلال بتصغير القدر، ومثله الاستخفاف والاحتقار، أهانه يهينه إهانة فهو مهان مذلل.
وقيل نزلت الآية في قوم من المشركين أتوا جماعة من المسلمين، فقاتلوهم في الأشهر الحرم بعد ان نهاهم المسلمون عن ذلك، فأبوا، فنصروا عليهم. وقيل إن النبي صلى الله عليه وآله عاقب بعض المشركين لما مثلوا بقوم من أصحابه يوم أحد.
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»
الفهرست