التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٤٩
وقته، وهو مذموم. والسرعة تقديم الشئ في أقرب أوقاته، وهو محمود.
وقوله " سأوريكم آياتي فلا تستعجلون " أي سأظهر بيناتي وعلاماتي، فلا تطلبوه قبل وقته. ثم أخبر تعالى عن الكفار أنهم " يقولون متى هذا الوعد " يريدون ما توعد الله به من الجزاء والعقاب على المعاصي بالنيران وأنواع العذاب " إن كنتم صادقين " يعني يقولون " إن كنتم صادقين " ومحقين فيما تقولون متى يكون ما وعدتموه، فقال الله تعالى " لو يعلم الذين كفروا " الوقت الذي " لا يكفون فيه " أي لا يمنعون فيه " عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم " يعني إن النار تحيط بهم من جميع وجوههم " ولا هم ينصرون " أي لا يدفع عنهم العذاب بوجه من الوجوه.
وجواب (لو) محذوف، وتقديره: لعلموا صدق ما وعدوا به من الساعة.
ثم قال " بل تأتيهم " يعني الساعة، والقيامة " بغتة " أي فجأة " فتبهتهم " أي تحيرهم والمبهوت المتحير " فلا يستطيعون ردها " ومعناه: لا يقدرون على دفعها " ولا هم ينظرون " أي لا يؤخرون إلى وقت آخر. وقال البلخي: ويجوز أن تكون العجلة من فعل الله وهو ما طبع الله على الخلق من طلب سرعة الأشياء. وهو كما خلقهم يشتهون أشياء ويميلمون إليها، ويحسن أمرهم بالتأني عنها، والتوقف عند ذلك، فلأجل ذلك قال " فلا تستعجلون " كما حسن نهيهم عن ارتكاب الزنا الذي تدعوهم إليه الشهوة.
قوله تعالى:
(ولقد استهزئ برسل من قبلك فحلق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن (41) قل من يكلؤكم بالليل والنهار
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست