وقوله (وقد خاب من حمل ظلما) أي خسر الثواب من جاء يوم القيامة كافرا ظلما مستحقا للعقاب. و (من) في قوله (من الصالحات) زائدة عند قوم والمراد من يعمل الصالحات. ويحتمل أن تكون للتبعيض، لان جميع الصالحات لا يمكن أحد فعلها، فأخبر الله تعالى ان من يعمل الاعمال الصالحات، وهو مؤمن عارف بالله تعالى مصدق بأنبيائه (فلا يخاف ظلما ولا هضما) اي لا يخاف ظلما بالزيادة في سيئاته، ولا زيادة في عقابه الذي يستحقه على معاصيه (ولا هضما) أي ولا نقصانا من حسناته ولا من ثوابه - في قول ابن عباس والحسن وقتادة - وقيل (لا يخاف ظلما) بأن لا يجزى بعمله (ولا هضما) بالانتقاص من حقه - في قول ابن زيد.
فمن قرأ " فلا يخاف " أراد الاخبار بذلك. ومن قرأ " فلا يخف " معناه معنى النهي للمؤمن الذي وصفه عن أن يخاف ظلما أو هضما. وأصل الهضم النقص، يقال:
هضمني فلان حقي اي نقصني. وامرأة هضيم الحشا أي ضامرة الكشحين بنقصانه عن حد غيره. ومنه هضمت المعدة الطعام اي نقصت مع تغييرها له.
وقوله " وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا " أي كما أخبرناك باخبار القيامة أنزلنا عليك يا محمد القرآن " وصرفنا فيه من الوعيد " اي ذكرناه على وجوه مختلفة، وبيناه بألفاظ مختلفة، لكي يتقوا معاصيه ويحذروا عقابه " أو يحدث " القرآن " لهم ذكرا " ومعناه ذكرا يعتبرون به. وقيل " ذكرا " أي شرفا بايمانهم به.
ثم قال تعالى " فتعالى الله الملك الحق " اي ذو الحق، ومعناه ارتفع - معنى صفته - فوق كل شئ سواه، لأنه أقدر من كل قادر، واعلم من كل عالم سواه لان كل قادر عالم سواه يحتاج إليه، وهو غني عنه.
وقوله (ولا تجعل بالقرآن من قبل ان يقضى إليك وحيه " أي لا تسأل إنزاله قبل ان يأتيك وحيه. وقيل: معناه لا تلقه إلى الناس قبل ان يأتيك بيان