التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٠٧
الفم، فهذا أصله، ثم قد يسمى احداث الريح من الزق أو البوق نفخا، لأنه كالنفخ المعروف. و (الصور) قيل في معناه قولان:
أحدهما - انه جمع صورة، كل حيوان تنفخ فيه الروح، فتجري في جسمه، ويقوم حيا بإذن الله.
والثاني - انه قرن ينفخ فيه النفخة الثانية ليقوم الناس من قبورهم عند تلك النفخة تصويرا لتلك الحال في النفوس بما هو معلوم، مما عهدوه من بوق الرحيل وبوق النزول.
وقوله (ونحشر المجرمين يومئذ زرقا) قيل: معناه إنه ازرقت عيونهم من شدة العطش. وقيل: معناه عميا، كما قال (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا) (1) كأنها ترى زرقا وهي عمي. وقيل: المعني في (زرقا) تشويه الخلق:
وجوههم سود وأعينهم زرق.
وقوله (يتخافتون بينهم) معناه يتشاورون بينهم - في قول ابن عباس - ومنه قوله (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) ومعناه لا تعلن صوتك بالقراءة في الصلاة كل الاعلان ولا تخفها كل لا خفاء (وابتغ بين ذلك سبيلا) (2) وقوله (إن لبثتم إلا عشرا) يعني ما أقمتم في قبوركم إلا عشرا. وإنما يقولون ذلك القول لأنهم لشدة ما يرونه من هول القيامة ينسون ما لبثوا في الدنيا، فيقولون هذا القول.
وقيل: معناه وتأويله انه يذهب عنهم طول لبثهم في قبورهم لما يرون من أحوالهم التي رجعت إليهم، كأنهم كانوا نياما، فانتبهوا. وقال الحسن: إن لبثتم إلا عشرا يقللون لبثهم في الدنيا لطول ما هم لابثون في النار.
ثم قال تعالى (نحن اعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة) أي أصلحهم

(1) سورة 17 الاسرى آية 97 (2) سورة 17 الاسرى آية 110
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست