ونحشره يوم القيمة أعمى (124) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا) (125) خمس آيات.
اخبر الله تعالى عن آدم وحواء أنهما أكلا من الشجرة التي نهى الله عن أكلها، وعندنا أن النهي كان على وجه التنزيه. والأولى أن يكون على وجه الندب دون نهي الحظر والتحريم، لان الحرام لا يكون إلا قبيحا، والأنبياء لا يجوز عليهم شئ من القبائح لا كبيرها ولا صغيرها. وقال الجبائي: لا تقع معاصي الأنبياء إلا سهوا، فأما مع العلم بأنها معاصي فلا تقع. وقال قوم آخرون: إنه وقع من آدم أكل الشجرة خطأ. لأنه كان نهي عن جنس الشجرة فظن أنه نهي عن شجرة بعينها، فأخطأ في ذلك. وهذا خطأ لأنه تنزيه له من وجه المعصية، ونسبة المعصية إليه من وجهين:
أحدهما - أنه فعل القبيح. والثاني - أنه أخطأ في الاستدلال. وقال قوم: انها وقعت منه عمدا، وكانت صغيرة، وقعت محبطة وقد بينا أن ذلك لا يجوز عليهم (ع) عندنا بحال. وقال الرماني: لما حلف إبليس لهما لم يقبلا منه، ولم يصدقاه، ولكن فعلا ذلك لغلبة شهوتهما، كما يقول الغاوي للانسان إزن بهذه المرأة فإنك ان أخذت لم تحد، فلا يصدقه، ويزني بها لشهوته. وقال الحسن: أكلت حواء أولا وأبت عليه ان يجامعها حتى يأكل منها، فأكل حينئذ.
وقوله " فبدت لهما سوآتهما " أي ظهرت لهما عوراتهما، لان ما كان عليهما من اللباس نزع عنهما، ولم يكن ذلك على وجه العقوبة بل لتغيير المصلحة في نزعهما وإخراجهما من الجنة وإهباطهما الأرض وتكليفهما فيها. وإنما جمع سوآتهما، وهو لاثنين، لان كل شيئين من شيئين، فهو من موضع التثنية جمع، لان الإضافة تثنية