وإسحاق ويعقوب من ذرية إبراهيم، لما تباعدوا من آدم حصل لهم شرف إبراهيم، وكان موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى من ذرية إسرائيل، لان مريم من ذريته. وقيل إنما وصف الله صفة هؤلاء الأنبياء ليقتد بهم ويتبع اثارهم في اعمال الخير ثم اخبر تعالى انه خلف من بعد المذكورين خلف. والخلف - بفتح اللام - يستعمل في الصالحين، وبتسكين اللام في الطالح قال لبيد:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم * وبقيت في خلف كجلد الأجرب (1) وقال الفراء والزجاج: يستعمل كل واحد منهما في الآخر.
وفى الآية دلالة على أن المراد بالخلف من لم يكن صالحا، لأنه قال " أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات " وقال القرطي: تركوها. وقال ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز: أخروها عن مواقيتها. وهو الذي رواه أصحابنا. وقال قوم خلف - بفتح اللام - إذا خلف من كان من أهله - وبسكون اللام - إذا كان من غير أهله.
ثم قال تعالى " فسوف يلقون غيا " والغي الشر والخيبة - في قول ابن عباس وابن زيد - قال الشاعر:
فمن يلق خيرا يحمد الناس امره * ومن يغو لا يعدم على الغي لائما (2) اي من يخب. وقال عبد الله بن مسعود: الغي واد في جهنم. وقيل معناه يلقون مجازاة غيهم. ثم استثنى من جملتهم من يتوب فيما بعد ويرجع إلى الله ويؤمن به ويصدق أنبياءه، ويعمل الأعمال الصالحة من الواجبات والمندوبات، ويترك القبائح فان " أولئك يدخلون الجنة " من ضم الياء أراد أن الله يدخلهم الجنة بأن يأمرهم بدخولها، فضم لقوله " ولا يظلمون " ليتطابق اللفظان. ومن فتح الياء أراد أنهم