التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٣٥
لا يوصف تعالى بأنه رفيع. وقوله " رفيع الدرجات " (1) إنما وصف الدرجات بأنها رفيعة. وإنما أخذ من علو معنى الصفة بالاقتدار، لأنها بمنزلة العالي المكان.
ثم اخبر تعالى عن الأنبياء الذين تقدم وصفهم فقال " أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين " فان حملنا (من) على التبعيض لم تدل على أن من عداهم لم ينعم عليهم، بل لا يمتنع أن يكون إنما أفردهم بأنه أنعم عليهم نعمة مخصوصة عظيمة رفيعة، وإن كان غيرهم أيضا قد أنعم عليهم بنعمة دونها. وإن حملنا (من) على أنها لتبيين الصفة لم يكن فيه شبهة، لان معنى الآية يكون أولئك الذين أنعم الله عليهم من جملة النبيين.
وقوله " من ذرية آدم " (لان الله تعالى بعث رسلا ليسوا من ذرية آدم بل هم من الملائكة كما قال " يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس " (2) وقوله " وممن حملنا " في السفينة " مع نوح " أي أبوهم نوح وهو من ذرية آدم كما قال) (3) " ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل " يعنى يعقوب " وممن هدينا " هم إلى الطاعات فاهتدوا إليها واجتبيناهم اي اخترناهم واصطفيناهم " إذا تتلى عليهم آيات الرحمن " اي أعلامه وأدلته " خروا سجدا وبكيا " أي سجدوا له تعالى وبكوا، وبكى جمع باك ونصبهما على الحال، وتقديره: خروا ساجدين باكين. وبكي (فعول) ويجوز أن يكون جمع باك على (فعول). ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى البكاء. قال الزجاج: لا يجوز النصب على المصدر، لأنه عطف على قوله " سجدا ". وإنما فرق ذكر نسبهم، وكلهم لآدم، ليبين مراتبهم في شرف النسب، فكان لإدريس شرف القرب من آدم، لأنه جد نوح.
وكان إبراهيم من ذرية من حمل مع نوح، لأنه من ولد سام بن نوح. وكان إسماعيل

(1) سورة 40 المؤمن آية 15 (2) سورة 22 الحج آية 75 (3) ما بين القوسين ساقط من المطبوعة.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست