اللذة، ومعناه ههنا انه وجبت لهم اللذة بفعل ما يؤدي إليها كما أن الصلة بالمال نفع، لأنه يؤدي إلى اللذة، وكذلك أكل الطعام الشهي وتناول الكرية عند الحاجة نفع لأنه يؤدي إلى اللذة. والخزي هو الهوان الذي يفضح صاحبه ويضع من قدره.
وقال الجبائي: المراد بأهل القرية - على قول كثير من أهل التأويل - ثمود الذين أهلكهم الله بكفرهم، والتقدير هلا أهل قرية سوى قوم يونس آمنوا فنفعهم ايمانهم وزال عنهم العذاب كما آمن قوم يونس لما أحسوا بنزول العذاب، فكشف الله عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعهم وبقاهم أحياء سالمين في الدنيا بعد توبتهم إلى مدة من الزمان. وهذا الذي ذكره إنما كان يجوز لو كان (إلا) قوم يونس) رفعا وكان يكون " الا قوم يونس " صفة أو بدلا من الأول لان المعنى إلا قوم يونس محمول على معنى هلا كان قوم قرية أو قوم نبي آمنوا الا قوم يونس، قال الزجاج: لم يقرأ أحد بالرفع، ويجوز في الرفع أن يكون بدلا من الأول، وإن لم يكن من جنس الأول كما قال الشاعر:
وبلدة ليس لها أنيس * لا اليعافير والا العيس (1) وقال أبو عبيدة (الا) ههنا بمعنى الواو، والمعنى وقوم يونس. وقال الحسن معنى الآية انه لم يكن فيما خلا أن يؤمن أهل قرية بأجمعها حتى لا يشذ منهم أحد الا قوم يونس. فهلا كانت القرى كلها هكذا. وقرأ طلحة بن مصرف يونس ويوسف بكسر النون والسين أراد أن يجعل الاسمين عربيين مشتقين من أسف وأنس، وهو شاذ.
فان قيل: قوله " كشفنا عنهم العذاب " يدل على نزول العذاب بهم فكيف ينفع مع ذلك الايمان، وهل ذلك الا ضد قوله " فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا " (2)؟ قلنا: ليس يجب أن يكون العذاب نزل بهم بل لا يمتنع أن يكون ظهرت لهم دلائله وان لم يروا العذاب كما أن العليل المدنف قد يستدرك التوبة