التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٦٤
كريم (74) آية.
اخبر الله تعالى في هذه الآية ان الذين آمنوا بالله وصدقوا رسوله وهاجروا من ديارهم وأوطانهم، يعني من مكة إلى المدينة، وجاهدوا مع ذلك في سبيل الله وقتال أعدائه. والذين آووا من الأنصار ومعناه ضموهم إليهم ونصروا النبي صلى الله عليه وآله بأنهم المؤمنون حقا، وقيل في معناه قولان: أحدهما انهم المؤمنون الذين حققوا ايمانهم لما يقتضيه من الهجرة والنصرة بخلاف من أقام بدار الشرك. الثاني - قال أبو علي الجبائي: معناه انهم المؤمنون حقا، لان الله حقق ايمانهم بالبشارة التي بشرهم بها، ولو لم يهاجروا ولم ينصروا لم يكن مثل هذا.
واختلفوا في هل تصح الهجرة في هذا الزمان أو لا؟
فقال قوم: لا تصح لان النبي صلى الله عليه وآله قال: لا هجرة بعد الفتح ولان الهجرة انتقال من دار الكفر إلى دار الاسلام على هجر الأوطان، وليس يقع مثل هذا في هذا الزمان لاتساع بلاد الاسلام إلا أن يكون نادرا لا يعتد به.
وقال الحسن: بقيت هجرة الاعراب إلى الأمصار إلى يوم القيامة.
والأقوى أن يكون حكم الهجرة باقيا، لان من أسلم في دار الحرب ثم هاجر إلى دار الاسلام كان مهاجرا، وسمي الجهاد في سبيل الله لأنه طريق إلى ثواب الله في دار كرامته.
وقوله " لهم مغفرة ورزق كريم " اخبار منه تعالى أن لهؤلاء المغفرة لذنوبهم والرزق الكريم يعني العظيم الواسع والكريم الذي يصح منه الكرم من غير مانع.
والكرم الجود العظيم والشرف قال الشاعر:
تلك المكارم لا قعبان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد أبوالا وقيل: الرزق الكريم هنا طعام الجنة لأنه لا يستحيل إلى أجوافهم نجوا بل يصير كالمسك ريحا.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست