التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٥٨
في غير موضع. وأكثر المفسرين على أن النبي صلى الله عليه وآله لم يقع منه خلاف لامر الله وقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله كره اخذ الفداء حتى رأى سعد بن معاذ كراهية ذلك في وجهه، فقال يا رسول الله هذا أول حرب لقينا فيه المشركين أردت ان يثخن فيهم القتل حتى لا يعود أحد بعد هذا إلى خلافك وقتالك، فقال رسول الله: قد كرهت ما كرهت، ولكن رأيت ما صنع القوم، فالمعصية في ذلك كانت من قوم من الصحابة الذين مالوا إلى الدنيا واخذ الفداء. وقد قال البلخي أيضا إن اجلاء الصحابة براء من ذلك. وروي عن النبي صلى الله عليه اله أنه قال إن الغنائم أحلت لي ولم تحل لنبي قبلي.
ومعنى " لولا " امتناع الثاني لوقوع الأول كقولك: لولا زيد بالمكان الذي هو به لاتيتك، فامتنع الاتيان لمكان زيد. والسبق يكون تقدما في الزمان والمكان والرتبة بأن يكون له وإن لم يكن فيها. والمس مماسة يقع معها إدراك، وهو كاللمس في الحقيقة. والعظيم ما يصغر فيه قدر غيره، ويكون ذلك بعظم الجثة تارة وبعظم الشأن أخرى. والعظيم هو المستحق للصفة بأن قدر غيره صغير عنده.
وقال أبو جعفر عليه السلام كان الفداء يوم بدر كل رجل من المشركين بأربعين أوقية من فضة والأوقية أربعون مثقالا إلا العباس فان فداءه كان مئة أوقية وكان أخذ منه حين أسر اثنين وعشرين أوقية ذهبا، فقال النبي صلى الله عليه وآله ذاك غنيمة ففاد نفسك وابني أخيك عقيل ونوفل بن الحارث، فقال: ليس معي، فقال: أين الذهب الذي سلمته إلى أم الفضل وقلت: ان حدث بي حدث، فهو لك وللفضل وعبد الله وميثم، فقال من أخبرك بهذا؟ قال: الله، قال: اشهد انك رسول الله، والله ما اطلع على هذا أحد إلا الله تعالى.
قوله تعالى:
فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست