التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٥٧
لا يجب ذلك لا يلزمه السؤال. ومن قال: ذلك أوجب قال: ان الله أراد ان يأمرهم بأخذ الفداء وإنما عاتبهم على ذلك لأنهم بادروا إليه قبل ان يؤمروا به.
قوله تعالى:
لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم (68) آية.
قيل في معنى قوله " لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم " قولان:
قال الحسن لولا ما كتبه الله في اللوح المحفوظ من أنه لا يعذبهم على ذلك.
وقال غيره: لولا ما كتب الله فيه انه يغفر لأهل بدر ما تقدم وما تأخر.
الثاني - قال مجاهد: يعني ما ذكره من قوله " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " (1) فكأنه قال: لا أعذب إلا بعد المظاهرة في البيان وتكرير الحجة به.
وقال قوم " لولا ما كتبه الله " من أن الفدية ستحل لهم فيما بعد، ذهب إليه سعيد ابن جبير. ومعنى الآية " لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم " من فداء الاسرى والغنيمة عذاب عظيم، لأنهم اخذوه قبل ان يؤذن لهم. وقد كان سبق ان الله سيحله لهم في قول ابن عباس والحسن، وقال الجبائي: والمعنى " لولا كتاب من الله سبق " وهو القرآن الذي آمنتم به واستحقيتم لذلك غفران الصغائر لمسكم فيما أخذتم به من الفداء عذاب عظيم. ولا يجوز أن يكون المراد به الا الصغائر لأنهم قبل الغفران لم يكونوا فساقا اجماعا. قال الجبائي: وقد كان من النبي صلى الله عليه وآله في هذا معصية اجماعا من غير تعيين ما هي، وأظن أنها في ترك قتل الاسرى وهذا الذي ذكره غير صحيح، لأنه لا إجماع في ذلك بل عندنا لا يجوز على النبي صلى الله عليه وآله فعل شئ من القبائح صغيرا كان أو كبيرا لما في ذلك من التنفير عنه على ما بيناه

(1) سورة 17 الاسرى آية 15
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست