التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٨٤
قوله تعالى:
تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين (100) آية بلا خلاف.
اخبر الله تعالى عن أهل القرى التي ذكرها وقص خبرها وأشار ب‍ (تلك) إليها، لأنه خاطب النبي صلى الله عليه وآله. وقوله " نقص عليك من أنبائها " يعني قصص انباء القرى ما فيه من الاعتبار بما كانوا عليه من الاغترار بطول الامهال مع اسباغ النعم وتظاهر المنن حتى توهموا أنهم على صواب فيما دعاهم إليه الشيطان من قبح الطغيان.
والقصص اتباع الحديث، ويقال فلان يقص الأثر أي يتبعه ومنه " قالت لأخته قصيه " (1) أي اتبعي اثره، ومنه المقص لأنه يتبع في القطع أثر القطع. و (النبأ) هو الخبر الا ان النبأ خبر عن امر عظيم الشأن وأخذ منه اسم نبي، ويقال: أنبأ بكذا بمعنى اخبر به.
وقوله " ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات " يعني أتتهم رسلهم بالآيات والدلالات، وإنما أضاف الرسل إليهم مع أنهم رسل الله، لان الاختصاص فيها على طريقة الملك إذ المرسل مالك لرسالته، وقد ملك العباد الانتفاع بها والاهتداء بما فيها من البيان والبرهان.
وقوله " فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل " قيل في معناه قولان:
أحدهما - انه بمنزلة قوله " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه " في قول مجاهد أي انا لم نهلكهم الا وفى معلومنا أنهم لا يؤمنون.
الثاني - ان عتوهم في كفرهم وتمردهم فيه يحملهم على أن لا يتركوه

(1) سورة 28 القصص آية 11.
(٤٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 ... » »»
الفهرست