آل الرسول.
فقد ورد في خبر أن أبا خالد الواسطي وأبا حمزة الثمالي قالا: حبرنا رسالة ردا على الناس، ثم إنا خرجنا [من الكوفة] إلى المدينة، فدخلنا على محمد بن علي (عليهما السلام)، فقلنا له: جعلنا لك الفدا إنا حبرنا رسالة ردا على الناس فانظر إليها قال: فاقرؤها، قال: فقرأناها. فقال: لقد أجدتم واجتهدتم فهل أقرأتموها زيدا؟
قلنا: لا. قال: فاقرؤها زيدا، وانظروا ماذا يرد عليكم، قال: فدخلنا على زيد فقلنا له: جعلنا لك الفدا رسالة حبرناها ردا على الناس جئناك بها. قال: اقرؤها، فقرأناها عليه حتى إذا فرغنا منها قال: يا أبا حمزة وأنت يا أبا خالد لقد اجتهدتم لكنها تكسر عليكم، اما الجزء الأول فالرد فيه كذا فما زال يردها حتى فرغ من آخرها حرفا حرفا، فوالله ما ندري من أي شئ نعجب من حفظه لها أو من كسرها. ثم أعطانا جملة من الكلام نعرف به الرد على الناس، قال: فرجعنا إلى محمد بن علي فأخبرناه ما كان من زيد (1).
كان ذلك في عهد الحاكم الأموي هشام بن عبد الملك. ورغم ما أوصى به ولاته بالمراقبة الشديدة لما يفد ويخرج من الكوفة وهي مصدر دعوة زيد، والمدينة وهي مركز الإمامة، ظل أبو حمزة مترددا بينهما مع بعد المسافة وخطورة الموقف حاملا رسالة الولاء لأهل البيت (عليهم السلام) وردودهم وتوصياتهم للناس من عدم الركون للظلم، وتذكيرهم بأن أهل البيت هم الولاة والأحق بالأمر من غيرهم، وان زيدا هو ابن رسول الله وفرع السلالة المحمدية التي بها هدي الناس، ونصرته هي نصرة جده (صلى الله عليه وآله) وخذلانه هو الانحراف عن الدين والخسران المبين.
لكنه الغدر والقدر، فكما غدر بمسلم والحسين (عليه السلام) غدر بزيد، وكما أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) بمقتل الحسين (عليه السلام) أخبر بمقتل زيد، فبقلتهم يحيى الاسلام وبدمائهم تروى شجرته.