فيعمل المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول فيسقط منه شيخ شيخه الضعيف ويجعله من رواية شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل كالعنعنة ونحوها، فيصير الاسناد كله ثقات. ويصرح هو بالاتصال بينه وبين شيخه لأنه قد سمعه منه. فلا يظهر حينئذ في الاسناد ما يقتضي عدم قبوله إلا لأهل النقد والمعرفة بالعلل " (1).
قال صالح جزرة: سمعت الهيثم بن خارجة يقول قلت للوليد بن مسلم قد أفسدت حديث الأوزاعي. قال: كيف؟ قلت: تروى عنه عن نافع، وعنه عن الزهري، وعنه عن يحيى، وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر الأسلمي وبينه وبين الزهري مرة. فما يحملك على هذا. قال أنبل الأوزاعي أن يروي عن مثل هؤلاء.
قلت: فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء وهم ضعفاء مناكير فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الاثبات ضعف الأوزاعي. فلم يلتفت إلى قولي.
وقال أبو مسهر: كان الوليد يأخذ من ابن أبي السفر حديث الأوزاعي وكان ابن أبي السفر كذابا وهو يقول فيها قال الأوزاعي (2).
ومن هنا يتبين أن الوليد كان يسقط شيوخه الضعفاء ويدلس كما كان يسقط شيوخ شيوخه الضعفاء ويدلس. ولذلك فالاحتياط أن يصرح بالتحديث عن شيخه وعن شيخ شيخه ولا سيما في الأوزاعي.
قال العراقي: " ومما يلزم من الغرور الشديد أن الثقة الأول قد لا يكون معروفا بالتدليس ويكون المدلس قد صرح بسماعه من هذا الشيخ الثقة وهو كذلك فتزول تهمة تدليسه فيقف الواقف على هذا السند فلا يرى فيه موضع علة لان المدلس صرح باتصاله والثقة الأول ليس مدلسا وقد