فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٥١٤
الله) أي على الدين الحق لتأمن بهم القرون وتتجلى بهم ظلم البدع والفتون (لا يضرها من خالفها) لئلا تخلو الأرض من قائم لله بالحجة قال ابن عطاء: ففساد الوقت لا يكون إلا بنقص أعدادهم لا بذهاب إمدادهم لكن إذا فسد الوقت أخفاهم الله قال البيضاوي: أراد بالأمة أمة الإجابة وبالأمر الشريعة والدين وقيل الجهاد وبالقيام به المحافظة والمواظبة عليه والطائفة هم المجتهدون في الأحكام الشرعية والعقائد الدينية أو المرابطون في الثغور والمجاهدون لإعلاء الدين اه‍ وقال النووي في التهذيب: حمله العلماء أو جمهورهم على حملة العلم وقد دعا لهم المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بقوله نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها وقد جعله عدولا ففي حديث يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وهذا إخبار منه بصيانة العلم وحفظه وعدالة ناقليه وأنه تعالى يوفق له في كل عصر خلقا من العدول يحملونه وينفون عنه التحريف وهذا تصريح بعدالة حامليه في كل عصر وهذا من أعلام نبوته ولا يضر معه كون بعض الفساق يعرف شيئا من العلم بأن الحديث إنما هو إخبار بأن العدول يحملونه لا أن غيرهم لا يعرف منه شيئا. وفيه فضل العلماء على الناس وفضل الفقه على جميع العلوم وفيه أن هذه الأمة آخر الأمم وأنه لا بد أن يبقى منها من يقوم بأوامر الله حتى يأتي أمر الله وطائفة الشئ بعضه من الناس أو المال قال الرافعي: وجاء عن الحبر أنها لواحد فما فوقه وقيل إنها اثنان وقيل ثلاثة وقيل أربعة (ه حم عن أبي هريرة) ورجاله موثقون قال ابن حجر: وهذا بمعنى ما اشتهر على الألسنة من خبر الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة ولا أعرفه.
9774 - (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق) أي معاونين أي غالبين أو قاهرين لأعداء الدين زاد في رواية لا يضرهم من خذلهم قال النووي: يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع الأمة ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومفسر ومحدث وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد ولا يلزم اجتماعهم ببلد واحد ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولا فأولا إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا جاء أمر الله بقيام الساعة كما قال (حتى تقوم الساعة) أي إلى قرب قيامها لأن الساعة لا تقوم حتى لا يقال في الأرض الله الله كما تقرر أو المراد حتى تقوم ساعتهم. وفيه كالذي قبله أن الله يحمي إجماع هذه الأمة من الخطأ حتى يأتي أمره وبيان قسم من معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم وهو الإخبار بالغيب فقد وقع ما أخبر به فلم تزل هذه الطائفة من زمنه إلى الآن منصورة ولا تزال كذلك قال الحرالي: ففي طيه إشعار بما وقع وهو واقع وسيقع من قتال طائفة الحق لطائفة البغي سائر اليوم [ص 397] المحمدي مما يخلص من الفتنة ويخلص الدين لله توحيدا ورضا وثباتا على حال السلف الصالح وفيه أن هذه الأمة خير الأمم وأن عليها تقوم الساعة وإن ظهرت أشراطها وضعف الدين فلا بد أن يبقى من أمته من يقوم به (ك) في الفتن (عن عمر) بن الخطاب، وقال: على شرط مسلم وأقره الذهبي.
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 ... » »»
الفهرست