فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٤٧٩
علاجه وصارت لهم أسوة في عموم المرض حتى ظهر نقصانهم فاضطروا إلى إغراء الخلق وإرشادهم إلى ما يزيدهم مرضا وهو حب الدنيا الذي تلبسوا به لما لم يقدروا على التحذير منه حذرا أن يقال لهم فما بالكم تأمرون بالعلاج وتنسون أنفسكم؟ فلذلك عم الداء وعظم الوباء وانقطع الدواء وهلك الخلق لفقد الأطباء بل اشتغل الأطباء بفنون الإغواء فليتهم إذ لم يصلحوا لم يفسدوا وليتهم سكتوا وما نطقوا فإنهم لم يهمهم في مواعظهم إلا ما يزعق العوام ويستميل قلوبهم من تسجيع الكلام وتغليب أسباب الرجاء وذكر دلائل الرحمة لأن ذلك ألذ في الأسماع وأخف على الطباع لينصرف الخلق عن مجالس الوعظ وقد استفادوا مزيد جراءة على المعاصي ومتى كان الطبيب جاهلا أو خائنا يضع الدواء في غير موضعه فالرجاء والخوف دواءان لكن لشخصين متضادي العلة. (تتمة) قال الحكيم: علماء السوء ضربان ضرب مكب على حطام الدنيا لا يسأم ولا يمل قد أخذ بقليه حبها وألزمه خوف الفقر فهو كالهمج يتقلب في المزابل من عذرة إلى عذرة ولا يتأذى بسوء رائحتها وإكبابه عليها كإكباب الخنازير فمسخوا في صورة الخنازير وضرب أهل تصنع ودهاء ومخادعة وتزين للمخلوقين شحا على رياستهم يتبعون الشهوات ويلتقطون الرخص ويخادعون الله بالحيل في أمور دينهم فاطمأنوا إلى الدنيا وأسبابها ورضوا من العلم بالقول دون الفعل فإذا حل بهم السخط مسخوا قردة فإن القردة جبلت على الخداع واللعب والبطالة وشأن الخنزير الإكباب على المزابل والعذرة. واعلم أن قضية كلام المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الحاكم يتخذون هذا العلم تجارة يبيعونها من أمراء زمانهم ربحا لأنفسهم لا أربح الله تجارتهم اه‍ بنصه. (فائدة) روى سحنون عن ابن وهب عن عبد العزيز بن أبي حازم سمعت أبي يقول كان العلماء فيما مضى إذا لقى العالم من هو فوقه في العلم يقول هذا يوم غنيمة وإذا لقى مثله ذاكره وإذا لقى دونه لم يزه عليه واليوم يعيب الرجل من فوقه ابتغاء أن ينقطع عنه حتى يرى الناس أنه ليس بهم حاجة إليه ولا يذاكر مثله ويزهو على من هو دونه فهلك [ص 370] الناس اه‍ هذا في ذاك الزمان فما بالك بالناس الآن وما انطووا عليه من جحد الفضائل مع قيام الدلائل وحب الرياسة والتعظيم والتسارع إلى نبذ من تلوح عليه شواهد العلم بالقصور ويلتمسون بكثرة الانتقاد العثرات ويسترون رسوم الحسنات ببعض السقطات وربما رأى بعضهم استحقاق العلم بالتوارث من الآباء لكون المنصب كان لأبيه وقد نص القرافي أنه من البدع المحرمة (ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور (عن أنس بن مالك) وفيه إبراهيم بن طهمان مختلف فيه وحجاج بن حجاج قال الذهبي:
مجهول.
9655 - (ويل لمن استطال على مسلم) قال في المناهج: وهو وصف قل من اتصف به إلا وقصرت به الخطى ووقع في ورطات الندم والخطأ (فانتقص حقه) أخذ منه حجة الإسلام أن ذلك كبيرة (حل عن أبي هريرة) ثم قال: غريب من حديث الثوري تفرد به شعيب بن حرب وبشر بن إبراهيم الأنصاري.
9656 - (ويل لمن لا يعلم وويل لمن علم ثم لا يعمل) قالها ثلاثا فالعلماء مثل القضاة عالم في
(٤٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 ... » »»
الفهرست