فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٢٦٨
8965 - (من كان آخر كلامه) في الدنيا (لا إله إلا الله) قال أبو البقاء: آخر بالرفع اسم كان ولا إله إلا الله في موضع نصب خبر كان ويجوز عكسه اه‍. قيل أهل الكتاب ينطقون بكلمة التوحيد فلم لم يذكر قرينتها، وأجاب الطيبي بأن قرينتها صدورها عن صدر الرسالة. قال الكشاف في * (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) * لما علم وشهر أن الإيمان بالله قرينته الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم لاشتماله كلمة الشهادة عليهما مزدوجين مقترنين كأنهما واحد غير منفك أحدهما عن صاحبه انطوى تحت ذكر الإيمان بالله برسوله صلى الله عليه وسلم (دخل الجنة) لأنها شهادة شهد بها عند الموت وقد ماتت شهواته وذهلت نفسه لما حل به من هول الموت وذهب حرصه ورغبته وسكنت أخلاقه السيئة وذل وانقاد لربه فاستوى ظاهره بباطنه فغفر له بهذه الشهادة لصدقه، وقائلها في الصحة قلبه مشحون بالشهوات والغي ونفسه شرهة بطرة ميتة على الدنيا عشقا وحرصا فلا يستوجب بذلك القول مغفرة بخلاف قائلها عند الموت، ومثل من قالها في الصحة بعد رياضة نفسه وموت شهواته وصفائه عن التخليط قاله الغزالي، فنسأل الله أن يجعلنا في الخاتمة من أهل لا إله إلا الله حالا ومقالا وظاهرا وباطنا حتى نودع الدنيا غير ملتفتين إليها بل متبرمين منها ومحبين للقاء الله. - (حم د) في الجنائز (ك) فيها (عن معاذ) بن جبل، وقال الحاكم: صحيح اه‍ لكنه أعله ابن القطان بصالح بن أبي عريب فإنه لا يعرف حاله ولا يعرف من روى عنه غير عبد الحميد وتعقب بأن ابن حبان [ص 207] ذكره في الثقات وانتصر له التاج السبكي وقال: حديث صحيح.
8966 - (من كان حالفا) أي من كان مريدا للحلف (فلا يحلف إلا بالله) يعني باسم من أسمائه وصفة من صفاته لأن في الحلف تعظيما للمحلوف وحقيقة العظمة لا تكون إلا لله قاله لما أدرك عمر يحلف بأبيه والحلف بالمخلوق مكروه كالنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم والكعبة لاقتضاء الحلف غاية تعظيم المحلوف به والعظمة مختصة بالله تعالى فلا يضاهي به غيره وأما قسمه تعالى ببعض خلقه كالفجر والشمس فعلى الإضماء أي ورب الفجر على أن اليمين من العبد إنما هو لترجيح جانب الصدق وصدق الله قطعي لا يتطرق إليه احتمال الكذب وإنما وقعت في كلامه جريا على عادة عباده تنويها بشرف ما شاء من خلقه وتعليما لعباده شرعية القسم وأخذ بهذا علي كرم الله وجهه ثم شريح وطاوس وعطاء فقالوا: لا يقضي بالطلاق على من حلف به فحنث، قال في المطامح: ولا يعرف لعلي في ذلك مخالف من الصحابة اه‍.
(فائدة) سئل شيخ الإسلام زكريا عن قوم جرت عادتهم إذا حلفوا أن يقولوا ببركة سيدي فلان على الله هل هم مخطئون بحلفهم بغير الله تعالى؟ أجاب يكره الحلف المذكور ويمنع منه فإن لم يمتنع أدب إن قصد بعلى الاستعلاء على بابها. - (ن عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه البخاري بلفظ من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست