فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ١٨٤
8721 - (من زنى خرج منه الإيمان) إن استحل وإلا فالمراد نوره أو أنه صار منافقا نفاق معصية لا نفاق كفر أو أنه شابه الكافر في عمله وموقع التشبيه أنه مثله في حل قتاله أو قتله وليس بمستحضر حال تلبسه به حلال من آمن به فهو كناية عن الغفلة التي جلبتها عليه الشهوة والمعصية تذهله عن رعاية الإيمان وهو تصديق القلب فكأنه نسي من صدق به أو أنه يسلب الإيمان حال تلبسه به فإذا فارقه عاد إليه أو المعنى خرج منه الحياء لأن الحياء من الإيمان كما مر في عدة أخبار صحاح وحسان أو هو زجر وتنفير فغلظ بإطلاق الخروج عليه لما أن مفسدة الزنا من أعظم المفاسد وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الإنسان وحماية الفروج وصيانة الحرمات وتوقي العداوة والبغضاء بين الناس وغير ذلك (فإن تاب تاب الله عليه) أي قبل توبته فينبغي أن يبادر بالتوبة قبل هجوم هاذم اللذات فيكون قد باع أبكارا عربا أترابا كأنهن الياقوت والمرجان بقذرات دنسات مسافحات أو متخذات أخدان وحور مقصورات في الخيام بخيثات مسبيات بين الأنام. - (طب عن شريك) قال الحافظ في الفتح: سنده جيد رمز لحسنه.
8722 - (من زنى أو شرب الخمر نزع منه الإيمان) أي كماله (كما يخلع الإنسان القميص من رأسه) أبرز المعقول بصورة المحسوس تحقيقا لوجه التشبيه ولم يذكر التوبة لظهورها أو للتشديد والتهديد والتهويل وذلك لأن الخمر أم الفواحش والزنا يترتب عليه المقت من الله وقد علق سبحانه فلاح العبد على حفظ فرجه منه فلا سبيل إلى الفلاح بدونه فقال * (قد أفلح المؤمنون) [المؤمنون: 1] الآيات وهذا يتضمن أن من لم يحفظ فرجه لم يكن من المفلحين وأنه من الملومين العادين ففاته القلاح واستحق اسم العدوان ووقع في اللوم فمقاساة ألم الشهوة أيسر من بعض ذلك. - (ك) في الإيمان من حديث عبد الله بن الوليد عن أبي حجيرة (عن أبي هريرة) قال الحاكم: احتج مسلم بعبد الرحمن بن حجيرة وبعبد الله وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر: إسناده جيد.
8723 - (من زنى زنى به) بالبناء لما لم يسم فاعله (ولو بحيطان داره) يشير إلى أن من عقوبة الزاني ما لا بد أن [ص 143] يعجل في الدنيا وهو أن يقع في الزنا بعض أهل داره حتما مقضيا، وذلك لأن الزنا يوجب هتك العرض مع قطع النظر عن لزوم الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة فيكون سيئة * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * فيلزم أن يسلط على الزاني من يزني به بنحو حليلته * (والله عزيز ذو انتقام) [آل عمران: 4] فإن لم يكن للزاني من يزني به أو يلاط به من نحو حليلة أو قريب عوقب بوجه آخر فقوله زني به من قبيل المشاكلة إلا أن قوله ولو بحيطان دار ينبو عنه، والظاهر أن المراد بالحيطان مزيد المبالغة
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست