فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ١٨٠
بالكفر فكأنه سفك دمه، أو المراد حكمه حكم قتله في الآخرة وحكمه فيها دخول النار.
- (طب عن هشام بن عامر) بن أمية الأنصاري البخاري رمز المصنف لحسنه.
8713 - (من رمانا بالليل) أي رمى إلى جهتنا بالقسي ليلا وفي رواية بالنبل بدل الليل (فليس منا) لأنه حاربنا ومحاربة أهل الإيمان آية الكفران، أوليس على منهاجنا، لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه لا أن يرعبه فضمير المتكلم في الموضعين لأهل الإيمان، وسببه أن قوما من المنافقين كانوا يرمون بيوت بعض المؤمنين فقاله، ويشمل هذا التهديد كل من فعله من المسلمين بأحد منهم لعداوة واحتقار ومزاح لما فيه من التفزيع والترويع، وذهب البعض إلى أن المراد بالرمي ليلا ذكره لغيره بسوء أو قذف خفية تشبيها برمي الليل. (تنبيه) قد خفي معنى هذا الحديث ومعرفة سببه على بعض عظماء الروم فأتى من الخلط والخبط بما يتعجب منه حيث قال عقب سياقه الحديث يعني من ذكر المؤمنين بسوء في الغيبة. وتخصيص الليل بالذكر لأن الغيبة أكثر ما تكون بالليل ولأنه يحتمل أن يكون سبب ورود الحديث واقعا في الليل وفي قوله رمانا استعارة مكنية وتبعية إلى هنا كلامه. وإنما أوردته ليتعجب منه. - (حم) وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: وفيه يحيى بن أبي سليمان وثقه ابن حبان وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه الطبراني عن عبد الله بن جعفر وزاد يونس ومن رقد على سطح لا جدار له فمات فدمه هدر.
8714 - (من روع مؤمنا) أي أفزعه فأخافه كأن أشار إليه بنحو سيف أو سكين ولو هازلا أو أشار إليه بحبل يوهمه أنه حية (لم يؤمن الله تعالى روعته) أي لم يسكن الله تعالى قلبه (يوم القيامة) حين يفزع الناس من هول الموقف، وإذا كان هذا في مجرد الروع فما ظنك بما فوقه بل يخيفه ويرعبه جزاءا وفاقا يقال أمن زيد الأسد وأمن منه سلم منه وزنا ومعنى قال في المصباح وغيره: والأصل أن يستعمل في سكون القلب اه‍. ومنه أخذ الشافعية أن المالك يحرم عليه أخذ وديعته من تحت يد المودع بغير علمه لأنه فيه إرعابا له بظن ضياعها، قال بعض الأئمة: ولا فرق في ذلك بين كونه جدا أو هزلا أو مزحا وجرى عليه الزركشي في التكملة نقلا عن القواعد فقال: ما يفعله الناس من أخذ المتاع على سبيل المزح حرام، وقد جاء في الخبر لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعبا، ومن ثم اتجه جزم بعضهم بحرمة كل ما فيه إرعاب للغير مطلقا. (تنبيه) ما ذكر من معنى هذا الحديث في غاية الظهور وقد قرر بعض موالي الروم تقريرا يمجه السمع وينبو عنه الطبع فقال: المعنى أن من أفزع مؤمنا وخوفه بأن قال له لم تؤمن بالله أي ما صدر منك الإيمان المنجي ولا ينفعك هذا الإيمان والحال أنه آمن بالله روعته يوم القيامة أي أكون خصمه وأخوفه بالنار يوم القيامة قال: وهذا على تقدير [ص 140] أن يكون كلمة في قوله لم يؤمن بالله للنفي كما هو الظاهر ويحتمل أن يكون للاستفهام أي أتعلم لأي شئ تؤمن بالله؟ والإيمان بالله لا بد أن يكون على وجه يعتد به في الآخرة ولا فائدة في إيمانك هذا وقوله لم يؤمن بالله يجوز أن يكون بالتاء الفوقية
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست